البقر والإبل، هذه لحمان الناس التي تباع في الأسواق، وهذا صحيح، والمعتبر في ذلك عادةُ كل بلد، فإن كانوا يعتادون في الأسواق شراء جميع ذلك حُمِلَ عليه؛ لأن الاسم عام فيه، فأما الآن فالإبل غير معتادة، فلا يحمل الاسم عليها، فكذلك الضأن والمعز على حسب العادة.
قال: ولو اشترى بطونًا لم يلزم الآمر وإن كانت لحمًا، وكذلك الأكباد والكروش والأكارع والرؤوس؛ لأن هذه الأشياء لا تشترى كما يشترى اللحم وإن كانت لحمًا، والوكالة تحمل على العادة دون الاسم.
ولو حلف لا يأكل لحمًا، فأكل هذه الأشياء حَنِث؛ لأنها تصنع كما يصنع اللحم، فهي لحم، وإن لم يعتاد شراؤها كما يشترى اللحم، وليس يمتنع أن تختلف اليمين والوكالة، ألا ترى أن الطعام في الوكالة اسم للحنطة ودقيقها، ولو حلف أن لا يأكل طعامًا فأكل سكرة حَنِثَ.
قال: ولو أن رجلًا أمر رجلًا أن يشتري له لحمًا بدرهم، فاشترى له كبدًا، لم يلزمه، إلا أن يكون في بلد لحمها الذي يباع في أسواقها الكبود؛ لأن الوكالة محمولة على ما يباع في العادة دون ما يتناوله الاسم، ألا ترى أنه لو اشترى قديدًا (١) لم يجز وإن كان الاسم يتناوله؛ لأنه ليس هو اللحم الذي يباع في العادة.
وكذلك لو اشترى صفيف الوحش فهو لحم ولا تتناوله الوكالة.
قال: ولو اشترى [له] لحمًا مطبوخًا أو مشويًا لم يجز ذلك على الآمر؛ لأن شراء اللحم في الإطلاق إنما يراد به ما لم يعمل منه، فإذا أرادوا المعمول قالوا: شِوَاء، فإذا اشترى لحم الطير أو الوحش، فإن كان في بلده يباع ذلك في أسواقها
(١) "القَديد من اللَّحم: ما قُطِع طولًا ومُلِّح وجُفِّفَ في الهواء والشمس". المعجم الوجيز (قدد).