للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

غيره، وما كان غير هذين، فما للمعير أن يفعله، فله أن يعيره غيره؛ وذلك لأنه لما أطلق العارية، ولم يخص منفعة دون منفعة، ولا مكانًا دون مكان، ولا راكبًا دون راكب، كان ذلك على العموم، إذ لو أراد الخصوص لخصّ.

وأما إذا استعار الشيء على أن يستعمله بنفسه، فهو على وجهين: كل ما تختلف منافعه باختلاف المستوفي، فليس له أن يعيره؛ وذلك لأن لبس الثوب يختلف باختلاف اللابس، وركوب الدابة تختلف باختلاف الراكب وعمله بالركوب) (١)، فإذا رضي المعير بلبس رجل، أو بركوبه، لم يكن ذلك رضًا بغيره (٢).

فأما ما لا (٣) يختلف منافعه باختلاف المستوفي، مثل الدار يستعيرها [ليسكنها]، فأعارها غيره، فلا ضمان عليه؛ لأن المنافع غير مختلفةٍ، فإذا رضي باستيفاء المستعير لها، فاستيفاء غيره كاستيفائه، فكأنه أذن فيه.

قال: وكل ما كان للمعير أن يفعله، فكل ذلك للمستعير منه، وما ليس له أن يفعله، فكذلك المستعير؛ لأن المستعير إنما يملك المنافع بالعارية، فمقدار ما يملكه يجوز أن يملّكه غيره، وما لم يملكه لا يجوز تمليكه له.

قال: وليس للمستعير أن يؤاجر شيئًا مما استعار، مما يصح فيه الإجارة، وإن فعل فهو ضامنٌ حتى يسلمه إلى المستأجر، ويكون المعير في ذلك بالخيار: إن شاء ضمن المستعير، وإن شاء ضمن المستأجر، فأيهما ضمّن لم يرجع على صاحبه.

وإنما لم يجز أن يؤاجره؛ لما قدمنا: أنه بالإجارة يقطع الحق الثابت للمعير


(١) سقطت من ب.
(٢) انظر: الأصل ٨/ ٤٥٢.
(٣) (لا) سقطت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>