من حدود المحارب؛ وذلك لما بيّنّا: أنها عقوبة تجب لحقّ الله تعالى، فتؤثر فيها الشبهة كسائر الحدود.
قال: وإذا كان في المحاربين ذُوْ رَحِمٍ مَحْرَمٍ من المقطوع عليهم، لم يقطع واحد منهم.
وكان أبو بكر الرازي يقول: هذه المسألة محمولة على أن المقطوع عليهم مشتركون في مالٍ واحدٍ، وفي قطاع الطريق ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ من أحدهم، فلا يجري الحدّ على الباقين؛ لأن مال ذي الرحم كمال أخيه القاطع في باب الحدّ، فصار كجماعةٍ قطعوا على مالٍ مشتركٍ بين أحدهم وبين المقطوع عليهم.
فأما إذا كان لكلّ واحدٍ منهم [مالٌ] منفردٌ، فإن الحدّ يجري عليهم؛ لأن الآخذ من ذِي الرَّحِمِ المَحْرَمِ (١) لا يتعلّق به حدٌّ، والآخذ من غيره يتعلّق به الحدّ، وهو أخذٌ منفردٌ، فيصير كجماعة سرقوا من أجنبيٍّ، وسرقوا من حرز آخر مالًا يشارك فيه أحدهم، أو لذي رحمٍ محرمٍ من أحدهم.
قال: وإذا كان في المحاربين صبيٌّ أو مجنونٌ، سقط الحدّ عند أبي حنيفة وزفر عن جماعتهم.
وقال أبو يوسف: إن باشر الأخذَ والقتلَ الصبيُّ والمجنونُ، فلا حدّ على الباقين، وإن باشر العقلاء، حُدّ الباقون.
وجه قولهما: أن الصبيّ والمجنون لا حدّ عليهما، وقد يشارك في سبب الحدود وسبب العقوبة، وإذا شارك فيه من لا تلزمه العقوبة بنفس الفعل، لم