للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يكون المراد النفي من جميع الأرض) (١)؛ لأن هذا لا يمكن مع بقاء الحياة، ولا يجوز أن يكون المراد به النفي من المكان الذي قطع فيه؛ لأن الغرض أن تصرف أذيته عن المسلمين، فلو نفيناه إلى بلد آخر، لا ستضر به الناس هناك، والإمام مأمورٌ بدفع الضرر عن جميع الناس.

ولا يجوز أن يكون المراد به النفي من دار الإسلام؛ لأن إخراجه إلى دار الحرب تعريضٌ له بالردّة، وأن يصير حربًا للمسلمين، وهذا لا يجوز.

فلم يبق إلا أن يكون المراد به النفي من جميع الأرض، إلا مكان الحبس (٢)، وقد قيل: لمن حبس إنه أُخرج من الأرض، قال الشاعر (٣):

خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها … فلسنا من الأحياء فيها ولا الموتى

إذا جاءنا السَّجَّان يومًا لحاجةٍ … فرحنا (٤) وقلنا: جاء هذا من الدنيا

ولأن الحبس قد ثبت في العقوبات على وجه التعزير، ولم يثبت الصلب على وجه التعزير، فكان إثبات ما له نظيرٌ أولى.

فأما قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: ٣٤]، فقد دل على أن قاطع الطريق إذا تاب قبل ثبوت اليد عليه، سقط عنه الحدّ، وإن تاب بعد ثبوت اليد عليه لا يسقط الحدّ عنه، كما لا تسقط الحدود بالتوبة.


(١) ما بين القوسين سقطت من ب.
(٢) في ب (النفي من جميع الأماكن إلا الحبس).
(٣) هو صالح بن عبد القدوس المتهم بالزندقة كما في معجم الأدباء لياقوت (١/ ٤٢٣).
(٤) في المبسوط للسرخسي هنا (عجبنا) بدل (فرحنا) ٩/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>