للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجه قول أبي حنيفة ومحمد: أن المقصود من المصحف ما فيه، وهو كلام الله تعالى، وذلك ليس بمالٍ، والمقصود من السرقة إذا لم يجب فيه القطع، لم يتعلق القطع بغيره، كمن سرق صبيًا حرًّا عليه حليٌّ.

ولأن المصحف مختلفٌ في كونه مالًا، ألا ترى أن من منع من بيع المصحف، أخرجه من أن يكون مالًا، وما اختلف في كونه مالًا لم يتعلّق به قطعٌ (١).

ولأنه مأذون في أخذها عند الحاجة، ألا ترى أنه إذا احتاج إلى تلقين (٢) القرآن، لم يجز منعه منها، والإذن في الأخذ يمنع وجوب القطع، وعلى هذا جميع الدفاتر؛ لأن المقصود ما فيها، وليس بمالٍ.

وأما دفاتر الحساب، ففيها القطع؛ لأن ما فيها لا يقصد بالأخذ، وإنما المقصود الكاغد (٣)، فإذا كان نصابًا، قطع فيه، وعلى هذا الدفاتر البيضاء، يقطع فيها؛ لأنها هي المقصودة، وهي مالٌ.

وجه قول أبي يوسف: أن المصاحف مال [يباع و] يشترى ويتمول، كسائر الأموال.

قال بِشر عن أبي يوسف: كان أبو حنيفة يقطع في الحبوب كلها، والأدهان، والطيب، والعود والمسك، وما أشبه ذلك؛ لأن هذا متموّلٌ ولا يسرع إليه الفساد، ولا يوجد جنسه مباحًا تافهًا [في دار الإسلام].

وقال: في الخل القطع، ولا أعلمه إلا قول أبي حنيفة؛ لأن الخل مما لا


(١) انظر: الأصل ٧/ ٢٤٢.
(٢) سقطت هذه الكلمة من ب.
(٣) "الكاغد: القرطاس، معرّب". القاموس المحيط (كغد).

<<  <  ج: ص:  >  >>