للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إقراره بالزنا، وقد ثبت إحصانه بالبيّنة، فقوله: لست بمُحصَن، ليس برجوع عن الإقرار، وإنما هو إخبارٌ عن سقوط الرجم عنه، فصار كالمقِرّ بالزنا إذا قال: لا حدّ عليّ، لم يكن ذلك رجوعًا (١).

وقد قالوا: [إنه] إذا أقرّ أربع مراتٍ في مجلسٍ واحدٍ، للقاضي رجمه؛ وذلك لأن ماعزًا تردّد إلى النبي في الإقرار، والنبي جالسٌ في مكانه، فدلّ على أن المعتبر بمجلس المقِرّ، لا بمجلس الحاكم.

و [قد] قال الحسن في روايته: إذا أقرّ أنه زنى بامرأةٍ غائبةٍ، أقام عليه الحدّ، وهذا استحسانٌ، والقياس: أن لا يقام عليه الحدّ حتى تحضر؛ لأنه يجوز تحضر فتدّعي شبهةً تُسقط الحدّ عنه، فلم يجز إقامة الحد عليه مع الشبهة.

وجه الاستحسان: أن ماعزًا لما أقرّ بالزنا بأمةٍ لآل فلان، رجمه رسول الله قبل إحضارها، وقال في قصة العسيف: "واغدُ يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" (٢)، وهذا بعد قوله: "أما على ابنك، فجلدُ مائة"، فدلّ على أن حدّ المقر لا يقف على اعتراف المرأة.

ولأن الحدّ قد وجب بإقراره، وجواز أن تحضر فتدعي شبهةً كجواز أن يرجع المقِرّ، أو يدعي شبهةً في الثاني، وجواز ذلك لا يمنع من إقامة الحدّ.

قال الحسن: ويقيم عليه الحدّ إذا أقرّ في مجلس القاضي قبل أن يقوم، أو في مجالس، أو أقرّ كلّ يومٍ، أو كلّ شهرٍ مرةً، وصحّ ذلك عند القاضي، وقد تقادم الزنا الذي أقرّ به أو لم يتقادم، فهو سواءٌ، كأن أتى عليه منذ زنى إلى أن


(١) انظر: الأصل ٧/ ١٤٧.
(٢) أخرجه البخاري (٢١٩٠)؛ ومسلم (١٦٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>