بالخيار: إن شاء رجع على المرتهن، وإن شاء [رجع] على الراهن، أما المرتهن؛ فلأنَّه سَلَّم إليه مالًا حقه يتعلق به، ألا ترى أنه لو لم يسلم إليه تخلص من المطالبة بدفعه إلى المشتري، فصار المرتهن من هذا الوجه كالراهن، وكغاصب الغاصب، إلَّا أنه لا عليه (إلا بمقدار ما أعطاه؛ لأن الرجوع إنما يثبت لأجل قبضه، فلو لم يقبض لم يرجع عليه)(١)، فإذا قبض لزمه مقدار المقبوض.
وأما الرجوع على الراهن فلأن البيع وقع لحقه وبأمره؛ ولأنه أدخل العدل في هذا الضمان، فكان عليه خلاصه، فإن رجع على المرتهن عاد دينه على الراهن؛ لأن القضاء انفسخ وصار كأن لم يكن، وإن رجع على الراهن صَحَّ قبض المرتهن؛ لأن المقبوض سلم له، فكأنَّ الاستحقاق في حقه لم يكن، فأما إذا لم يسلم العدل الثمن إلى المرتهن، فلا رجوع له عليه؛ لأن البيع وقع على ملك الراهن وبأمره، فالرجوع عليه، وإنما يثبت له الرجوع على المرتهن لأجل قبضه الثمن، فإذا لم يقبض بقي الضمان على الموكل.
قال: وإن كان الراهن سَلَّط العدل على بيع الرهن بعد عقد الرهن على غير شرط، كان في عقد الرهن، فهو وكيل الراهن خاصة، وما لزم العدل بالبيع رجع به على الراهن خاصة قبض المرتهن الثمن أولم يقبض؛ وذلك لأن التوكيل بعد العقد إنما يقع لحق الراهن خاصة دون حق المرتهن، ألا ترى أن المرتهن لا يملك مطالبة هذا الوكيل بالبيع، ولا يمنع الراهن عن عزله، وإذا أوقعت الوكالة خاصة لحق الراهن لم يثبت [له] الرجوع على غيره، وصار كمن وكَّل رجلًا ببيع شيء وأن يقضي بثمنه [دينًا له]، ففعل، ثم لزمه ضمان، لم يرجع به على