وقال في الأصل: إذا قال أيّ عبيدي بَشَّرني بكذا فهو حر فبشَّرُوه جميعًا عُتِقُوا؛ لأن كلَّ واحد منهم مبشر، ألا ترى أن كل واحد منهم أخبر بخير تغيرت عنده بشرة الوجه، [قال الله تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠١]،] ولو بشره واحد بعد واحد لم يعتق الثاني؛ لأنه مخبر وليس بمبشر؛ لأن البشرة لا تتغير عند خبره.
فإن أرسل إليه أحدهم رسولًا فقال الرسول: إن عبدك فلان يخبرك بكذا، عُتِقَ العبد؛ لأن المرسل هو المبشر، وإن أخبره الرسول ولم يضف ذلك إلى العبد، لم يعتق العبد؛ لأنه لا تعلق له بالخبر (١).
وقال هشام: أخبرني محمد قال: سألني هارونُ أمير المؤمنين عن إنسان حلف لا يكتب إلى فلان فأمر غيره فكتب، فقلت له: أما إذا كان سلطانًا يأمر بالكتاب ولا يكاد هو يكتب، فإنه يحنث.
وهذا صحيح؛ لأنه إذا كان لا يباشر الكتابة فيمينه على الغالب من حاله وهو الأمر.
قال هشام: قلت لمحمد: فما تقول إذا حلف لا يقرأ لفلان كتابًا، فنظر في كتابه حتى أتى على آخره، وفهمه ولم ينطق به. قال: سأل هارون أبا يوسف وقد كان ابتلي بذلك، فقال: لا يحنث، قال محمد: ولا أرى أن ذلك، ثم ندم محمد فقال: لا أقول فيه شيئًا.