للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المُستقبل عِدات، فالظاهر أنَّها [سوم] (١) وعدة، وألفاظ الماضي إيجاب وقطع؛ فلذلك انعقد بها البيع.

وعلى الشافعي: أنَّه ذكر لفظين لا يصلح كل واحد منهما لأحد شطري العقد، فصار كما لو قال البائع: اشترِ منِّي، فقال المشتري: اشتريت.

وأمَّا الفرقُ بين البيع والنكاح: فيما بيَّنَّا أنَّ البيع يحضره المساومة، فلم ينعقد باللفظ الذي يصلُح للسوم، والنكاح لا يحضره المساومة، فالظاهرُ من قوله زَوِّجني، أَنَّه قبولٌ وليس بمساومة؛ ولأنَّ البيع لا ينعقد بفعل واحد، فإذا قال المُشتري: بعني، فقد وكَّله أن يبيعَ منه، فإذا قال البائع: بعتُك، لم يجز أن ينعقد البيع بقوله، والنكاح ينعقدُ بفعل الوكيل، فإذا قال: زوِّجني، فقد أمره بالتزويج، فإذا قال: زوَّجتك، [فقد] انعقد العقدُ بهذا القول.

وحكيَ عن أبي الحسن فرق آخر: وهو أن في النِّكاح [يلحق الأولياء] (٢) الشين إذا خطب إليهم، فأوجبوا، فلم يقبل الزوج، فإذا قال الزوج زوِّجني، فقال الولي: زوَّجتك، لو لم يتم العقد بهذا كان للزوج أنْ يَرجع فيلحق بالولي شينًا، وهذا لا يجوز، وليس على البائع في ردِّ بيعه بعد السوم شين؛ فلذلك إذا قال: بعني! فقال: بعتك، لم يتم العقد به حتى ينضم إليه القبول.

وإنَّما قلنا: إن البيع ينعقد بلفظ البيع وبما قام مقامَ هذا اللفظ من قوله خذ وأعطيتك (٣) ورضيت؛ لأنَّ المعتبر معاني العقد (٤) دُون ألفاظِهِ، وهذه الألفاظ


(١) في ج (تكون) والمثبت من أ.
(٢) في ج (تعلق للأولياء) والمثبت من أ.
(٣) في أ (وأعطيت).
(٤) في أ (بمعاني العقود دون ألفاظهما) والعبرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>