للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فإن وضعوه لغير القبلة، أو على يساره، ثم ذكروا، فإن أبا حنيفة قال: إن ذكروه وقد شَرَّجوا اللبن، أزالوا ذلك، وإن كانوا قد أهالوا التراب، لم ينبش؛ وذلك لأن السنة التوجيه إلى القبلة، فإذا أمكن ذلك من غير نبش، فعل، وأما إذا أهيل التراب فذلك لا يمكن إلّا بالنبش، فلم يجز للمُثْلَة.

قال: وكره أبو حنيفة أن يوطأ على القبر، أو يجلس عليه، أو يقضى عليه حاجة من غائط، أو بول، أو ينام عليه؛ لما رُوي عن النبي : "أنه نهى عن الجلوس على القبور" (١)، وعن ابن مسعود أنه قال: "لأن أطأ على جمرةٍ أحبّ إلي من أن أطأ على قبر" (٢)؛ ولأن الآدمي يجب تعظيمه حيًّا وميتًا لحرمته، وفي المشي على قبره، والجلوس عليه، ترك التعظيم.

قال: ويكره أن يصلي عنده؛ لما رُوي عن النبي : "أنه نهى عن الصلاة إلى قبره"، وقال: "لا تتخذوا قبري مسجدًا، كما اتخذت بنو إسرائيل قبور أنبيائهم مساجد" (٣).

وقد روى الحسن عن أبي حنيفة قال: لا ينبغي أن تصلي على ميت بين القبور، فإن فعلت أجزأك، وكان علي وابن عباس يكرهان ذلك، وروى نافع: أنهم صَلَّوا على عائشة وأم سلمة بين مقابر البقيع، والإمام أبو هريرة، وكان هناك ابن عمر (٤) (٥).


(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه ٧/ ٤٣٥؛ والبيهقي في الكبرى ٤/ ١؛ والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٥١٧.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ٣/ ٢٦؛ و"رواه الطبراني في الكبير، وفيه عطاء بن السائب وفيه كلام" كما في مجمع الزوائد ٣/ ٦١.
(٣) أخرجه البخاري (١٣٢٤) ومواضع؛ ومسلم (٥٢٩) عن عائشة .
(٤) أورده السمرقندي في تحفة الفقهاء ١/ ٣٥٧؛ والكاساني في البدائع ١/ ٣٢٠.
(٥) انظر: الأصل ١/ ٣٦١؛ القدوري ص ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>