للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القرآن ما يجزئ به الصلاة، وذلك أن الصلاة تحتاج إلى السنن ما لا تحتاج إلى القراءة؛ لأن القدر الذي يجزئ به الصلاة من القراءة يكفي في الإمامة، والعالِم بالسنة ينتفع به من أول الصلاة إلى آخرها، فكان اعتبار العلم بالسنة أولى.

وإنما أمر رسول الله بتقديم أكثرهم قرآنًا؛ لأن الناس في ذلك الزمان كانوا يتلقنون القرآن بأحكامه، فكل من كثر قرآنه كثر علمه، ولهذا حفظ عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة (١)، فأما الآن، فإنهم يحفظون القرآن ولا يعلمون ما فيه، فكان العالم بالسنة أولى.

فإذا تساووا في ذلك، فأكثرهم قرآنًا أولى للخبر، فإذا تساووا في ذلك، فأكبرهم سِنًا في ذلك أولى؛ لأن الناس يقدمون الأسنّ، ويؤثرون الاقتداء به ما لا يؤثرون غيره، فإذا تساووا في ذلك، فأثبتهم صلاحًا وورعًا أولى.

وأما الهجرة، فقد سقطت بعد الفتح؛ فلذلك لم تعتبر في زماننا، وأما في زمن النبي ، فكان للمتقدم في الهجرة فضيلة؛ فلذلك اعتبرها رسول الله .

وقد قال أصحابنا: إن العالِمَ بالسنة إذا كان غيره أورع منه، فتقديم العالم أولى إذا كان ممن يجتنب الفواحش الظاهرة؛ لأن الإمام مؤتمن في الصلاة، والعالم بالسنة أقدر على حفظ الأمانة، فكان أولى بمن زاد ورعه.

قال أبو يوسف: أكره أن يكون الإمام صاحب بدعة، أو [صاحب] هوىً، وأكره للرجل أن يصلي خلفه؛ وذلك لأن الناس يكرهون تقديم من كانت هذه صفته، وقد بينا أن الأولى أن يقدموا من لا يكره الناس تقديمه، فأما الفاسق،


(١) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (١٨٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>