للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا خلاف الأصول.

فأمّا دعوى مخالفنا: أنّ الأنبذة مُحرّمةٌ بتحريم الخمر؛ لأنّ اسم الخمر يتناول كلّ شراب مسكر، فهو غلطٌ؛ لأنّ الخمر عند العرب من عصير العنب إذا اشتدّ، وما سواه خصّوه بأسماء أُخر.

وطريق العرب في الفرق بين الأسامي: أن يخصُّوا كلّ عينٍ باسمٍ، فدلّ ذلك على نفي الاشتراك، إلا أن ينقل عنهم ما يقتضي الاشتراك، وإذا لم يسمّ ذلك خمرًا لم يدخل في الآية التي اقتضت تحريم الخمر؛ ولأنّ الأمّة اجتمعت على تحريم الخمر، ويكفّر مستحلّها، وأجمعوا أنّ من استحلّ غير الخمر لا يكفر، ولا بد أن يكون أحد الأمرين غير الآخر، حتى لا يجمعوا على حكمين ضدين.

وأمّا قولهم: إنّ الخمر إنّما سمّيت بذلك لمخامرة العقل، وهذا المعنى موجودٌ في النبيذ.

فغلطٌ؛ لأنّه قد قيل: إن الخمر سمّيت خمرًا للخمرة (١)، ولو سلمّنا ما قالوا، لم يلزم أن تطرد العلة، ألا ترى أنّهم قد يسموا أعيانًا بأسامي لم يخصوها (٢) بها، وإن وُجد معناها في غيرها، كما قالوا في الفرس الذي اجتمع فيه السواد والبياض: أبلق، ولم يقولوا للثوب: أبلق، وقد قالوا للنجم: نجمًا لظهوره، [يقال: نَجَم، أي ظهر]، ولم يسموا كلّ ظاهرٍ: نجمًا، فلا يمتنع أن تسمّى الخمر [خمرًا] لمخامرة العقل، ولا يسمى كلّ ما خامر العقل خمرًا.

فأمّا احتجاجهم بما روي عن النبي أنه قال: "كلّ مسكرٍ خمرٌ" (٣)،


في ب (لعينها).
(٢) في ب (ثم خصوها).
(٣) أخرجه مسلم (٢٠٠٣)، من حديث ابن عمر .

<<  <  ج: ص:  >  >>