للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حلالٌ، وقال شريكٌ: هو حلالٌ طبخ أو لم يطبخ، وقال مالك والشافعي: كلّ شراب أسكر كثيره فقليله حرامٌ (١).

أمّا الكلام على شريك، فما روي عن النبي أنّه قال: "الخمر من هاتين الشجرتين" (٢)، قال: و "من" للابتداء، فكلّ ما كان من النخل والكرم على حكم (٣) الابتداء، فهو محرمٌ بهذا الظاهر ما لم يطبخ وهو على حدّ الابتداء.

وأمّا المطبوخ، فالأصل في إباحته: ما روى أبو مسعودٍ الأنصاري أنّ النبي طاف بالبيت في حجة الوداع، ثم استسقى من السقاية، فأتي بشراب فشمّه وقطّب، ثم دعا بماء فصبّه عليه وشرب منه وقال: "إذا اغتلمت عليكم هذه الأشربة، فاكسروا متونها بالماء" (٤)، وهذا يدلّ على جواز شرب النبيذ [الشديد].

ومن حمل ذلك على الحموضة فقد غلط؛ لأنّ الخمر لا يستسقى في السقاية، ولا يشربه الناس، ويدلّ عليه ما روي أنّه قال: "كنت نهيتكم عن الأوعية، ثم رأيت أنها لا تحرم شيئًا، فانتبذوا واشربوا ولا تشربوا مسكرًا" (٥)، والأوعية المنهية عنها: هي التي تُحدث في الشراب شدّةً، فدلّت الإباحة بعد


(١) قال ابن جزي: "الخمر حرام قليلها وكثيرها إجماعًا". انظر: المزني ص ٢٦٥؛ رحمة الأمة ص ٢٤٠؛ قوانين الأحكام الشرعية ص ١٩٤.
(٢) أخرجه مسلم (١٩٨٥) من حديث أبي هريرة .
(٣) في ب (حال).
(٤) أخرجه النَّسَائِي (٥٦٤٩) من طريق عبد الملك بن نافع عن ابن عمر، وقال البخاري: لا يتابع عليه، وقال أبو حاتم: هذا حديثٌ منكرٌ، وعبد الملك بن نافع شيخٌ مجهولٌ. انظر نصب الراية للزيلعي (٤/ ٣٠٨)
(٥) أخرجه مسلم (٩٧٧) من حديث بريدة .

<<  <  ج: ص:  >  >>