للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمّا وجوب الحدّ بها (١)، فلأنّ النبي حدّ الشارب (٢)، ولا خلاف في ذلك.

وأمّا الممزوجة، فمتى كانت الخمر غالبةً، فالحدّ واجبٌ؛ لأنّ المقصود منها لا يزول [بذلك، ألا ترى أنّ الغالب على من شرب أن يمزجها بالماء، وإذا كان مقصودها لا يزول] وجب الحدّ، كما لو شربها صرفًا، فأمّا إذا غلب الماء عليها حتى زال طعمها وريحها، فلا حدّ في شربها؛ لأنّ المقصود من الشرب يزول بهذا التغير، والحدود تجب في المقصود من كلّ نوعٍ، إلا أنّ شرب ذلك حرامٌ؛ لأنّ الحظر والإباحة إذا اجتمعا غُلّب الحظر (٣)، ولأنّها نجسةٌ عندنا، والنجاسة إذا خالطت الماء لم يجز شربه.

قال محمدٌ في الأصل - في العصير الحلو -: لا بأس بشربه، فإذا غلى وقذف بالزبد لم يجز شربه، ولم يجز بيع المسلمين له؛ وذلك لأنّه ما لم يغل


= صاحب الأطراف إلى النَّسَائِي ولم أره، ورواه الطبراني بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح) (٥/ ٣٥).
(١) في ب (بشربها).
(٢) أخرجه مسلم (١٧٠٦) من حديث أنس .
(٣) إذا تعارض دليلان: أحدهما يفيد الحرمة، والآخر يفيد الإباحة، ففي ترجيح أحدهما اختلف الأصوليون إلى مذاهب: فمذهب الجمهور من الأصوليين والفقهاء وغيرهم: إلى ترجيح ما يفيد الحرمة، وهو مذهب الإمام أحمد، والكرخي، والرازي، وابن الحاجب، وصححه ابن إسحاق الشيرازي، وابن السبكي، وغيرهم، والمثال الذي ذكره المؤلف، هو: "ما أسكر كثيره، فقليله حرام"، المفيد حرمة النبيذ وما مثله، مع ما ورد من الأحاديث المفيدة لحل النبيذ، فتترجح الروايات والأدلة التي تفيد حرمة ما ذكرنا؛ وذلك لئلا يقع الإنسان في المحرَّم، وللاحتياط في أمور الدين. انظر: اللمع للشيرازي ص ٤٨؛ التقرير والتحبير ٣/ ٢١؛ روضة الناظر للمقدسي ص ٢٠٩؛ وإرشاد الفحول للشوكاني ص ٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>