للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ابن مسعود السَّكَر مع اشتهار قوله في إباحة نبيذ التمر؛ دلالةٌ على شرط الطبخ فيه.

وأمّا عصير العنب إذا طبخ حتى ذهب أقل من ثلثيه، فهو حرامٌ عندنا، وقال حماد بن أبي سليمان: إذا طبخ حتى ينضج فهو مباحٌ، وهو قول بشر المريسي وبعض المتكلمين، وكان قول أبي يوسف الإباحة للمُنصَّف، وروي مثله عنه.

وقال عمر : يحل إذا ذهب ثلثاه [وبقي ثلثه] (١)، وهو قول أبي حنيفة، والدليل على تحريم طبخ العصير إذا لم يبلغ الحد الذي ذكرناه، ما روى الشعبي عن جابر ابن الحصين الأسدي: أنّ عمارًا أتاه كتاب عمر بن الخطاب إليه يأمره أن يأمر المسلمين بشرب العصير الذي طبخ فذهب ثلثاه وبقي ثلثه، وأن عمارًا شربه، وأمر الناس به، وقال: هذا شرابٌ لم نكن نشربه حتى أمرنا أمير المؤمنين عمر (٢).

وعن داود بن أبي هندٍ قال: قلت لسعيد بن المسيب: الطلاء الذي أحلّه عمر للناس ما هو؟ قال: الذي يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه (٣).

ولا يجوز أن يقال: إنّما أباح ذلك عمر؛ لأنّه قيل له إنّه لا يسكر؛ وذلك لأنّ عمر أباحه لدفع ضرر الطعام، وذلك لا يكون مع الشدّة، والذي روي أنه قال حين رآه: ذهب حظّ الشيطان منه، وروي أنّه قال: ذهب شيطانه وريح جنونه، فلم يُرد بذلك [زوال] الإسكار، وإنما أراد زوال المعنى الموجب للتحريم، وهذا معنى قوله: ذهب حظ الشيطان منه.


(١) أخرجه النَّسَائِي (٥٧١٥).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٩/ ٢٥٥) (في المصنف)، وصحح ابن حجر إسناده في الفتح (١٠/ ٦٣).
(٣) أخرجه النَّسَائِي (٥٧١٩)؛ وصحح ابن حجر إسناده في الفتح (١٠/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>