للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويُدفَن في مقابر المسلمين ويستغفر له، وذلك لا يجوز.

فإن قيل: لو وجب ما ذكرتم لكان النبي يأخذ به اليهود في المدينة، ويطالب به نصاري نجران، أو مجوس هجر، ولو فعل ذلك لنقل.

والجواب: أنّ ذلك إنما يجب ليتميّزوا ويُعرفوا، واليهود بالمدينة كانوا يُعْرَفُونَ بأعيانهم، لا يشتبه حالهم على أهل المدينة، ونصارى نجران كانوا منفردين بها، وكذلك مَجُوْسُ هَجَرْ، فلمّا فتحت البلاد في زمن عمر وكثر الناس واختلطوا وصاروا لا يُعْرَفُونَ بأعيانهم، وجب تميزهم للمعنى الذي قدّمناه.

وإذا ثبت هذا، قال أبو حنيفة: ينبغي أن لا يترك أحدٌ من أهل الذمة يتشبّه بالمسلمين في لباسه، ولا في مركبه، ولا في هيئته.

قال: وينبغي أن يؤخذوا حتى يجعل كلّ واحدٍ في وسطه كُستيجًا (١) مثل الخيط الغليظ، يعقد على وسطه، وأن يؤخذوا بأن يلبسوا قلانس مضربةً، وأن يركبوا بسروجٍ على قَرَبوس (٢) السرج مثل الرمانة، وأن يجعلوا شرك نعالهم مثنيةً، ولا يحذوها على حذو المسلمين، ولا يلبسوا طيالسةً مثل طيالسة المسلمين، ولا أرديةً مثل أرديتهم.

وقال أبو يوسف: يمنعون من ركوب الرحائل، قال: وتكون قلانس الرجال مضربة طوالًا، وإنّما وجب أن يفرق بينهم وبين المسلمين في الزيّ؛ لأنّ [السِّيْما] يُستدلّ بها على حال الإنسان، قال الله تعالى: ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٣].


(١) وهو ما يُشدّ على وسطه من علامةٍ بها يمتاز عن المسلم، وينبغي أن يكون من الصوف أو الشعر. انظر مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر الشيخي زاده (٢/ ٤٧٨).
(٢) (القَرَبوس: حنو السرج). المعجم الوسيط (٢/ ٧٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>