للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإنّ لبّى ولم يشهد المناسك، لم يكن مسلمًا؛ لأنّ التلبية بعض العبادة، وكذلك لو شهد المناسك ولم يلبِّ؛ لأنّ العبادة لا تكمل إلا بعد تقدّم التلبية.

قال داود بن رشيد إن شهدوا أنّه مؤذّنٌ جعلته مسلمًا، فإن قالوا: سمعناه يؤذن في مسجد الجامع، قال: ليس بشيء، حتى يقولوا هو مؤذّنٌ، أو يقولوا: صحبناه فكان مؤذننا؛ لأنّه إذا أذّن فأكثر ما فيه أنّه أتى بالشهادتين، وقد بيّنا أنّ الكتابي (١) لا يصير بهما مسلمًا حتى يجمع إليهما معنىً آخر.

فإن قالوا: هو مؤذنٌ أو مؤذنٌ لنا، فقد أخبروا أنّه فعل الأذان على وجه العبادة، فكان بذلك مسلمًا.

قال: وإن شهدوا أنّهم رأوه يُصلي سنةً ولم يقولوا في جماعةٍ، فقال: صليت صلاتي، لم أعترض له حتى يقولوا: صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا؛ لأنّهم قد يصلّون، فلم تدل الصلاة على الإسلام، إلا أن يشهدوا أنّه فعلها على الوجه الذي يفعله المسلم.

فإن شهد شاهدٌ فقال: رأيته يصلي في المسجد الأعظم [شهرًا، وشهد آخر أنّه رآه يصلي في مسجد بني عامرٍ شهرًا، وشهد آخر أنّه رآه يصلي بالكوفة سنةً]، وشهد آخر: رأيته يصلي بالشام سنةً، أو قال: صلى معنا بطريق مكة، لم أقتله، ولكن أجبره؛ وذلك لأنّهم لم يجتمعوا على فعلٍ واحد، وإن اتفقوا على فعل الصلاة، فصار اختلافهم شبهة في إسقاط القتل، وأجبره على الإسلام، لاتفاقهم أنّه مسلمٌ. [والله أعلم] (٢).


(١) في ب (الكافر).
(٢) انظر: شرح مختصر الطحاوي ٧/ ٣٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>