للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دون بني إسرائيل، فلا يكون مسلمًا على هذا القول، حتى يتبرّأ ممّا كان يعتقده، ويعترف أنّ ما جاء به محمد بن عبد الله حقٌّ.

ولهذا قالوا: إنّ الواحد منهم لو قال: أنا مسلمٌ، أو مؤمن، لم يكن بذلك مسلمًا؛ لأنّهم يزعمون أنّ الإسلام ما هم عليه، وأنّ الإيمان ما هم عليه، ولما قدّمنا أنّ النبي قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" (١)، وذلك لأنّه كان يقاتل عبدة الأوثان في الغالب، فيكتفي منهم بالشهادة.

وإذا ثبت ما قدّمنا، قال محمدٌ في السير الكبير: إذا حمل رجلٌ من المسلمين على رجلٍ من المشركين ليقتله (٢)، فلما أرهقه قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وهو ممّن لا يقول: لا إله إلا الله، ولا يقرّ بها، فهذا دليلٌ إلى إسلامه، وهو [بهذا] عندنا مسلمٌ، فينبغي أن يكفّ عنه، ولا يقتله (٣).

وكذلك لو قال: أشهد أنّ محمدًا رسول الله، فهو مسلمٌ، وكذلك لو قال: أنا مسلمٌ، وألقى السلاح أو لم يُلْقِه، أو قال: أنا على دين محمدٍ، أو قال: أنا على دين الإسلام، أو أنا على الحنيفية، فهذا كلّه دليل على الإسلام، فإن رجع عن الإسلام ضُربت عنقه، وهذا على ما قدّمنا، أنّ من لا يعترف بالتوحيد يكون مسلمًا بكلّ واحدةٍ من الشهادتين، وبقوله: أنا مسلمٌ؛ لقوله : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله"، ولما روي أنّ أسامة بن زيد حمل على كافرٍ، فلما وضع السنان بين كتفيه قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقتله، فقال له رسول الله : "أقتلت


(١) البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢).
(٢) سقطت من ب.
(٣) انظر: السير الكبير (مع شرح السرخسي) ٥/ ٢٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>