للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لأنّه ملكٌ لمن هو في يده، فلا يجوز أن يُقاتَل على ملكه، ويجوز أن يُغصَب بشرط الضمان؛ لأنّ تحريم ملك الغير لا يكون بأكثر من تحريم الميتة، فإذا جاز تناولها عند الضرورة، فجواز تناول ملك الغير أولى.

وإنّما شرط أن يكون فيه فضلٌ؛ لأنّه إذا لم يكن فيه فضلٌ فهو يحيي نفسه بقتل غيره، وذلك لا يجوز؛ ولأنّ الحاجة إذا تساوت فالمالك أخصّ بماله (١)، فكان به أولى.

وإنّما قال: إنّه لا يجوز أن يغصب ما يتزوّد؛ لأنّ الأخذ أبيح للضرورة، ولا ضرورة به إلى الزاد، وإنّما يضطر إلى ما يدفع الموت عن نفسه في الحال.

وأمّا قول ابن سَماعة: إنّ ذلك أحبّ إلينا من الميتة؛ فلأنّ الله تعالى أباح أخذ مال الغير عند الضرورة بشرط الضمان، وأباح أكل الميتة، ومال الغير مباحٌ في الأصل لولا حقّ مالكه، فإذا أباحته الضرورة، كان تناوله أولى من تناول المحظور في الأصل.

قال ابن سَماعة: ولو أنّ رجلًا زرع في أرضه، ثم حصدها وبقي من حصاده وجلّه مرعىً، فله أن يمنع هذا، وله أن يبيعه، وليس له أن يمنع الكلأ ولا يبيعه حتى يحتشّه،، فيحرزه، [وهو وغيره في الكلأ سواءٌ، كان في ملكه أو في غير ملكه]؛ وذلك لأنّ الحصائد قد نبتت بزرعه، كسائر النبات التي ينبته الناس، فيملكونه بالإنبات، فلهم أن يمنعوا عنه كما يمنعون عن سائر أملاكهم (٢).

وأمّا الكلأ فإنّه ينبت بغير إنباتٍ، فلا يختصّ أحدٌ به؛ فلذلك مُلِك بالأخذ


(١) في ب (بملكه).
(٢) في ب (أموالهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>