للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعلق بأستار الكعبة فهو آمنٌ، ومن ألقى سلاحه فهو آمنٌ" (١)، فلو كان الصلح قد سبق وقبل الأمان القوم، ودخل على ذلك لم يكن لهذا القول معنًى.

وروي أنّه وقف على باب البيت وقال: "ما تدرون أنّى صانعٌ بكم؟ " فقالوا: ابن أخ كريم، ملكت فاصنع ما شئت، فقال لهم: "أقول لكم ما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم" (٢)، ولو كان دخل صلحًا لم يجز أن يقولوا (٣): اصنع ما شئت.

[وقد] تعلّق الشافعي في هذه المسألة بما شرطه النبي لأبي سفيان، ولا حجّة [له] فيه؛ لأنّه لم ينقل أنّ القوم قبلوا ذلك، ولو قبلوه لم يحتج إلى تجديده بعد الدخول، فصار وجود ذلك وعدمه سواءً.

ولا يقال: إنّ النساء خرجن يلطمن وجوه الخيل بالخمر، فاستنشد النبي أبا بكر أبيات حسان، وهي:

[ينازعن الأسنة مشرعاتٍ] (٤) … على أكتافها الأسل الظماء

تظل جيادنا ممطرات … تلطمهن بالخمر النساء

وهذا هو الحجّة عليهم؛ لأنّ النساء يفعلن ذلك تعييرًا للرجال بترك القتال، وتحريضًا لهم، ويضربن وجوه الخيل بالخمر كما كان الرجال يضربونها بالسيوف، وليس في ذلك دلالةٌ على الصلح، بل هو دليل على ضده. [والله أعلم] (٥).


(١) هو من الحديث قبله، مسلم (١٧٨٠).
(٢) رواه النسائي في الكبرى (١١٢٩٨).
(٣) في ب (يقول).
(٤) في أ، ب (ينازعن الأعنة مسرعات … )؛ وفي صحيح مسلم (يبارين الأعنة مصعدات) (٢٤٩٠)؛ والمثبت من السنن الكبرى ١٠/ ٢٣٨.
(٥) انظر: الأصل ٧/ ٤٣٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>