الأسهل، كما لو قال لهم العدو: إن شئتم قتلناكم بالسيف، وإن شئتم بالنار، كان لهم اختيار الأسهل؛ ولأنّهم يضطرون من جهة العدو إلى إلقاء أنفسهم في الماء من خوف النار، فكأنّ العدو أكرههم على ذلك.
وجه قول محمدٍ: أنّهم إذا بقوا في السفينة تلفوا بفعل الكافرين، وإذا وقعوا في الماء تلفوا بفعل أنفسهم، فلم يجز أن يفعلوا ما يؤدي إلى التلف ويتركوا السبب الحاصل من جهة الكفار.
قال محمدٌ: في السِّيَر الكبير: إذا ظهر المسلمون على أهل الحرب في قريةٍ أو مدينةٍ، فلا ينبغي أن يقتلوا امرأةً، ولا صبيًّا، ولا شيخًا فانيًا، ولا معتوهًا، ولا راهبًا في صومعةٍ، ولا سائحًا في جبال يأويها لا يخالط الناس، ولا قومًا في ديرٍ ولا كنيسةٍ قد طيّنوا عليهم الباب وترهبوا فيه، ولا أعمى، ولا مقعد، ولا يابس الشق، ولا مقطوع اليد والرِّجل من خلافٍ، ولا مقطوع اليد اليمنى، وقد بيّنا الكلام على الصبيّ والمرأة، فكذلك الباقون؛ لأنّهم ليسوا من أهل القتال.
فأمّا الراهب والسائح إذا لم يخالط الناس، لم يكن منه ضررٌ على المسلمين؛ لأنّه لا يقاتل ولا يجتمع مع النساء فيلقح؛ فلذلك لم يقتل.
قال: وإن قتل رجلٌ من المسلمين منهم أحدًا فلا شيء عليه من ديةٍ ولا قيمةٍ ولا كفّارةٍ، وعليه الاستغفار؛ وذلك لما قدّمنا أنّ حظر القتل لا يوجب تقويم الدم، كالحربيّ إذا قتل على وجه محظورٍ.