للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمّا قوله: إنّهم إن قتلوا هؤلاء فلا شيء عليهم، وقد أساؤوا؛ لأنّ النبي لمّا مرّ بامرأةٍ مقتولةٍ أنكر قتلها، ولم يوجب الضمان على قاتلها؛ ولأنّ دماءهم غير مقوّمةٍ؛ لأنّها لم تحرز بدار الإسلام، ولم يحصل لها أمانٌ، فالنهي عن القتل لا يوجب الضمان، كما لو قتل الرجل على وجه المثلة كان منهيًا عنه، ولم يوجب ذلك تقويم الدم.

قال: ولا بأس بأن يحرّقوا حصونهم بالنار، ويغرقوها بالماء، وينصبوا المنجنيق على حصونهم، ويهدموها عليهم؛ لما روي أنّ النبي أحرق البويرة، وأمر أسامة أن يُغير ويحرق؛ ولأنّ في ذلك تفريق جمعهم وكسر شوكتهم، فجاز كما يجوز أنواع القتال.

وقد قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمدٌ: لا بأس بتحريق حصونهم وهدمها عليهم، وإن علمنا أنّ فيهم أسيرًا أو تاجرًا (١).

وقال الحسن بن زياد: لا يجوز ذلك.

وليس هذا بصحيح؛ لأنّ قتالهم واجبٌ، فلا يمنع من ذلك إذا كان فيهم من لا يجوز قتاله، كما لا يمنع لأجل صبيانهم ونسائهم؛ ولأنّا لو توقّفنا [في] (٢) حصونهم لأجل المسلم أو الأسير لم يجز أن نقدم على تحريق حصونهم أبدًا؛ لأنّا نجوّز أن يكون فيهم مسلمًا.

(ولأنّ خطر قتل المسلم كخطر قتل صبيانهم، فإذا أجاز أن نرميهم وإن كان


(١) انظر: الأصل ٧/ ٤٥٤، ٤٥٥.
(٢) في أ (على) والمثبت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>