للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأمّا البهائم والمواشي، إذا لم يقدر المسلمون على إخراجها، فإنّها تُذبح وتُحرق، وقال مالكٌ: وتعقر، وقال الشافعيّ: تترك كما هي (١).

والدليل على أنّها لا تُعقر، أنّ في عقرها مُثْلةً، وقد نهى عن المُثْلة، وأمّا تركها فلا يجوز لما في ذلك من قوة المشركين بها على المسلمين، فإذا ذبحت وأحرقت ضعفوا، وما أدّى إلى ضعفهم جاز فعله؛ ولأنّ الذبح يجوز إذا احتاجوا إلى الأكل أو إلى الجلود، والانتفاع بإدخال الضرر على الكفار أعظم من الانتفاع بالجلد، فجواز الذبح بذلك أولى.

والذي روي: "أنّه نهى عن ذبح الحيوان إلّا لمأكلةٍ" (٢)، فبيّن أن الذبح يجوز لغرضٍ: وهو الأكل، فنبّه بذلك على جواز الذّبح لكلّ غرضٍ، وهو مثل الأكل في المنفعة أو أكثر، وقد بيّنا أنّ الانتفاع يوهن المشركين، وضعفهم أعظم، فالذّبح لأجله أولى.

وأمّا تحريقها بعد الذبح؛ فلأنّها لو لم تحرق انتفعوا بلحومها وجلودها، فوجب على الإمام أن يحرّقها ليُبطل عليهم الانتفاع بها (٣).

* * *


(١) انظر: المزني ص ٢٧١، ٢٧٢؛ رحمة الأمة ص ٢٤٥؛ قوانين الأحكام الشرعية ص ١٦٧.
(٢) ذكره ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ١٢٠)، وقال: (لم أجده)، وذكره الزيلعي في نصب الراية (٣/ ٤٠٦)، وقال: (غريب).
(٣) انظر: شرح السير الكبير للسرخسي ١/ ٦٠ - ٦٦؛ الأصل ٧/ ٤٢٧ وما بعدها؛ شرح مختصر الطحاوي ٧/ ٢٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>