الوالدين؛ لأنّه لا خطر على النفس فيه، وهو فرضٌ، فلم يقف على إذنهما.
فأمّا إذا وقع النفير واحتاج الناس، جاز الخروج بغير إذن الوالدين؛ لأنّ الخروج في هذه الحالة فرضٌ معيّنٌ لا يُستدرَك، وبرّ الوالدين والقيام [عليهما] يمكن استدراكه.
قال: وينبغي للمسلمين إذا استفرغوا جهدهم، ولم يبق لهم أمرٌ يمكنهم استعماله في جهاد العدو وإظهار حكم الله ودينه إلا وقد استعملوه، وأن يثقوا بوعد الله تعالى لهم بالنصر، فإنّ الله تعالى قال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: ٧]، وقال: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ [الأنفال: ٣٩ - ٤٠] وهذا إخبارٌ من الله تعالى بأنّه ناصرهم.
وقال: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [التوبة: ٣٢]، وقد وعد الله نبيّه ﵊ والمؤمنين بإتمام نوره، وأنّه حائلٌ بين عدوهم وما يقصد إليه من إطفاء نوره، وكفى بالله وليًّا، وكفى بالله نصيرًا.
وهذا صحيحٌ؛ لأنّ الله تعالى لمّا وعد بالنصر وهو صادقٌ في وعده، كان علينا بذل الجهد ليتحصّل ما وعد الله به، ويسقط عنّا التكليف، ويزول التفريط (١).
* * *
(١) انظر: الأصل ٧/ ٤٢١؛ شرح مختصر الطحاوي ٧/ ٥ وما بعدها.