للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون عليه دينٌ في الصحة، فلم يبق إلا أن تتعلّق بذمّته، فيستوي المتقدّم والمتأخّر.

قال: فإن كان على المقِرّ في مرضه دينٌ في صحته، فدين غرماء الصحّة أولى بتركته من غرماء المرض، يبدأ به حتى يستوفوا ديونهم، فإن فضل من التركة شيءٌ بعد قضاء دين الصحة، كان بين غرماء المرض، وإن لم يبق شيءٌ فلا شيء لغرماء المرض على الورثة، ودينهم باقٍ في ذمّة الميت.

وإنّما يقدم دين الصحة على دين المرض - خلاف ما قاله الشافعي أنّهما سواء - (١)؛ لأنّ دين الصحة ثابتٌ في حال الإطلاق، ودين المرض ثابتٌ في حال الحجر؛ بدلالة أنّ المريض قد لحقه حجرٌ ما، ألا ترى أنّه لا يجوز هبته في أكثر من ثلث ماله [بعد أن كان جائز التصرّف لولا الدين].

قال: ودين الإطلاق مقدّمٌ على دين الحجر، كالعبد إذا أقرّ في حال حجره بدين وفي حال الإذن بدينٍ؛ ولأنّ حق غرماء الصحة يتعلّق بالمال في المرض؛ بدلالة أنّ المريض ممنوعٌ من التبرّع في ثلث ماله بعد أن كان جائز التصرف لولا الدين، فلولا تعلّق حقّهم بالمال لم يمنع، فإذا تعلّق حقّهم بالمال، كان أسبق من دين المرض، فصار كالدين الذي رهنَ به، فيقدم على ما [لا] رهن به؛ لأنّ حقّ المرتهن أسبق إلى الرهن.

فأمّا إذا استوفى غرماء الصحة، فقد سقط، فكأنّه لم يكن للمريض إلا الباقي من التركة، فيستحقه غرماء [المرض] (٢)، فإن لم يبق شيءٌ، فلا حقّ


(١) قال الشافعي: "والإقرار في الصحة والمرض سواء، يتحاصون معًا .... ". مختصر المزني ص ١١٢.
(٢) في أ (الصحة)، والمثبت من ب، والسياق يقتضيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>