للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك، ولا يلزمه أكثر من اثنتين.

قال أبو الحسن: وهذا الباب على ثلاثة معانٍ: أحدهما: الاستدراك في القلّة والكثرة، فيلزمه أكثر المالين، مثل أن يقول: [الفلان عليّ ألف درهمٍ، بل ألفان، وقد بيّنّا ذلك، أو يقول]: لفلانٍ عليّ ألفان، لا بل ألفٌ، فيلزمه الألفان؛ لأنّه متهمٌ في الاستدراك الذي يسقط به بعض الإقرار، فلا يقبل قوله، ويلزمه الزيادة، وتكون الألف من جملة الألفين [لأنّه إنّما استدرك حتى يسقط نصف الألفين]، ولم يقرّ بألفٍ غيرها.

والنوع الثاني: أن يستدرك في الصِّفَة، فيكون عليه أعلى الصفتين، وهذا مثل أن يقول: له عليه ألفٌ سودٌ، لا بل بيضٌ، أو بيضٌ لا بل سودٌ، فيلزمه الأفضل (١) منهما؛ لأنّه إذا بدأ بالأدون ثم بالأفضل (٢)، لم يُتّهم في الاستدراك، فصار كقوله ألفٌ لا بل ألفان، وأمّا إذا بدأ بالأجود فيريد [أن يستدرك الصفة ليسقط] (٣) عن نفسه بعض ما أقرّ به، فلا يُقبل قوله فيه.

والنوع الثالث: أن يستدرك في الجنس، فيقول له عليه ألف [درهمٍ] لا بل مائة دينارٍ، أو كُرّ حنطةٍ لا بل كُرّ شعير، فيلزمه الأمران؛ لأنّ الإنسان لا يستدرك في العادة في الجنس، وإنّما يستدرك في القدر أو الصفة، فهذا ليس باستدراكٍ، وإنّما رجع عن الأوّل وأقرّ بالثاني، فرجوعه عمّا أقرّ به لا يُقبَل، وإقراره على نفسه بحقٍّ آخر مقبولٌ (٤).


(١) في ب (الأجود).
(٢) في ب (بالأجود).
(٣) في أ (بالاستدراك أن يسقط)، والمثبت من ب.
(٤) انظر: الأصل، ٨/ ٣٠٠ وما بعدها؛ شرح مختصر الطحاوي ٣/ ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>