للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذا صحيحٌ؛ لأنّ قوله: لا رجوع - ورجوعه مقبولٌ في الحدّ - غير مقبولٍ في المال، فيضمن للأوّل، ولا يقطع، ثم قد استدرك على نفسه الإقرار بالسرقة للثاني، واستدراكه مقبولٌ على نفسه (١)، والعدد غيرُ معتبرٍ عند أبي حنيفة، فيُقبَل (٢) ويُقطَع.

وقال في الجامع الصغير عن أبي حنيفة: إذا أقرّ بسرقةٍ أو شرب خمر أو زنًا بعد حين، أُخِذ بذلك، إلا شرب الخمر، فإنّه لا يؤخذ به في قول أبي حنيفة [وأبي يوسف]، ويؤخذ به في قول محمدٍ.

وقد كان القياس: أن يُقبَل إقرار الإنسان بعد حينٍ بجميع الحدود؛ لأنه غير متهمٍ [على نفسه فيما يقرّ به، فصار التقديم والتأخير سواءً، وإنّما استحسن أبو حنيفة وأبو يوسف] في الشرب إذا أقرّ به بعد ذهاب ريحه أن [لا] يقام عليه الحد؛ لحديث ابن مسعودٍ: "أنّ رجلًا جاء بابن أخيه، فقال: إن هذا ابن أخي، وإنه كان يتيمًا في حجري، وقد شرب الخمر، فسأله ابن مسعود، فأقرّ، فقال لعمه: بئس كافل يتيمٍ أنت، إنّك لم تحسن أدبه ولا سترت خِزيته، ثم قال ترتروه، مزمزوه، فإن وجدتم ريحًا فاجلدوه" (٣)، فهذا يدلّ على أنّ بقاء الرائحة معتبرٌ في إقامة الحدود، ولم ينقل عن أحدٍ من الصحابة خلاف ذلك، وأمّا محمدٌ فذهب إلى القياس.

قال: وإن جاء السكران في حال سكره يقرّ على نفسه، لم يؤخذ بإقراره؛ لأنّ السكران زائل العقل، والحدود يُعتبر فيها الاحتياط، فلا تثبت بقوله (٤).


(١) (على نفسه) سقطت من ب.
(٢) سقطت هذه الكلمة من ب.
(٣) رواه البيهقي في الكبرى (٨/ ٣٣١).
(٤) انظر: الأصل ٨/ ٣٨٨؛ شرح مختصر الطحاوي ٣/ ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>