للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإيجاب الملك لا تصحّ.

وجه الاستحسان: أنّ السّلفَ استعملوا القرعة في القسمة من غير نكيرٍ، وقد روي أنّ النبي لما قَسَم خيبر جعلها سهامًا، فضرب لكل فريق سهمًا (١).

وقد قال أصحابنا: [إنّ] القرعة تُستعمل في كلّ شيءٍ جاز التراضي عليه، ولا تُستعمل فيما لا يجوز التراضي عليه، ومعلومٌ أنّ الحاكم إذا قَسَم جاز للخصمين التراضي بكلّ قسمٍ، وجاز للقاضي أن يقول: هذا القسم لهذا وهذا [القسم] لهذا، وإنّما وُضعت القرعة لتطييب القلوب وإزالة التهمة؛ لئلا يظنّ أحدٌ أنّ القاضي مالَ إلى خصمه؛ ولهذا قال أصحابنا: إنّ [القرعة] (٢) لا تُستعمل في العتق؛ لأنّ التراضي لا يجوز على نقل الحرّية من شخصٍ إلى شخصٍ.

وقد قالوا: [إنّ القسمة إذا كانت بالتراضي، فخرجت بعض السهام، جاز لهم الرجوع عن القسمة، إلا أن تكون خرجت السهام إلا سهمًا واحدًا؛ وذلك] أنّ القسمة إذا كانت بتراضيهم، فالعقد لا يتمّ إلا بانفراد كلّ واحدٍ منهم، وما لم يتمّ العقد، جاز الرجوع كالبيع الذي لم يتمّ، وأمّا إذا بقي سهمٌ واحدٌ، فقد تعيّن مستحقّه، وتمّت القسمة، فصار كخروج جميع السهام، وأما إذا كانت القسمة بالحكم، فإن الرجوع لا يؤثّر فيها وإن لم تخرج السهام؛ لأنّهم إذا امتنعوا أجبرهم القاضي، فلا معنى لامتناعهم.

قال: وإذا كانت الدار (٣) بين ورثةٍ، فاقتسموها، وفضّلوا بعضًا على بعض


(١) رواه أبو داود (٣٠١٠) من حديث سهل بن أبي حَثْمة؛ وقال الزيلعي في نصب الراية: (قال صاحب التنقيح: إسناده جيد) (٣/ ٣٩٧).
(٢) في أ (القسمة)، والمثبت من ب، وهو المناسب؛ لأنّ الممنوع في العتق القرعة لا القسمة.
(٣) في ب (الأرض).

<<  <  ج: ص:  >  >>