للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فباعوه من أهل مكة، فقالوا له: لنقتلنّك أو لتذكرنّ آلهتنا بخيرٍ، ولتشتمنّ محمدًا، فكان يشتم آلهتهم ويذكر محمدًا بخير، حتّى قتلوه، فقال: النبي : "هو رفيقي في الجنة" (١)، ولأنّ الكفر لم يبح [له] بحالٍ، وإنّما أُبيح إظهارُ الكفر من غير اعتقادٍ، فإذا صبر ولم يظهر الكفر فقد قصد بذلك إعزاز الدين، فهو أولى من إظهاره.

وكذلك شتم المسلمين (٢) من مظالم العباد، وذلك غير مباحٍ بحال، وتحريمه معلومٌ بالعقل، فهو كالكفر، والصبر فيه أولى من الإقدام عليه.

قال: ولو أنّ اللصوص أو غيرهم قالوا لرجلٍ: لنفعلن بك كذا، بما يكون إكراهًا، والرجل المتهدّد يرى أنّهم لا يقدمون على ذلك ولا يفعلون، لم يجز أن يفعل ما يُكرهونه عليه، وهذا على ما قدّمنا أنّ المعتبر دفع الضرر عن نفسه، فإذا غلب على ظنّه أنّهم لا يفعلون ما هدّد به، لم يحصل هناك ضررٌ، فلم يجز له أن يقدم على الفعل المحرم (٣).


(١) ذكره الزيلعي في نصب الراية (٤/ ١٥٩)، وابن حجر في الدراية (٢/ ١٩٧)، وقال الزيلعي: (وقَتْل خبيب في صحيح البخاري في مواضع، وليس فيه أنّه صلب، ولا أنّه أكره، ولا أن النبي سماه سيد الشهداء، ولا قال فيه: هو رفيقي في الجنة)، ومثله في الدراية.
(٢) في ب (المسلم).
(٣) انظر: الأصل، ٧/ ٢٩٨ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>