للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النخل، فلا ضمان على واحدٍ من العاملين في قولهم؛ لأنّ النخل مغصوبٌ بالتسليم إلى العامل الثاني، والثمر نماءٌ من العين المغصوبة، فإذا هلك في يد الغاصب بغير عمله لم يضمنه، كولد المغصوبة، فإن هلك الثمر من عمل الآخر في أمرٍ خالف فيه ما أمره، فالضمان فيه لصاحب النخل على العامل الآخر، ولا ضمان على العامل الأوّل؛ لأنّه لمّا خالف العامل الأوّل لم يقع عمله له، وإنّما وقع لنفسه، فصار متلفًا للثمر على مالكه، فينفرد بضمانه.

قال: وإن كان الثمر هلك في يد العامل الآخر من عمله من أمرٍ لم يخالف فيه ما أمر به العامل الأوّل، فلصاحب النخل أن يُضمّن أي العاملين شاء، فإن ضمن الأوّل لم يرجع على الآخر بشيء، وإن ضمّن الآخر رجع على الأوّل بما ضمن؛ وذلك لأنّه إذا لم يخالف في العمل فقد وقع عمله للعامل الأوّل، فكأنهما عملا، ويصير الأوّل كالغاصب الأوّل، والثاني كالغاصب الثاني، فيثبت لربّ النخل الضمان على أيّهما شاء، فإن ضمّن الأوّل لم يرجع على الآخر [بشيءٍ]؛ لأنّ حاصل الضمان عليه، وإن ضمّن الآخر رجع على الأوّل؛ لأنّ عمله وقع له.

قال: ولو كان أمره أن يعمل في ذلك برأيه، وقد شرط ربّ النخل للعامل الأول النصف من الثمرة، ودفعه إلى الثاني على أنّ له الثلث ممّا يخرج من النخل، فهو جائزٌ، وما خرج من ثمره فثلثه للعامل الآخر، وسدسه للأوّل، ونصفه لصاحب النخل؛ وذلك لأنّ ربّ الأرض لما فوّض الرأي إلى العامل جاز تسليم العامل إلى غيره وإن أثبت له شركةً، فإذا جاز التسليم فقد شرط للعامل الثاني بعض حقّه، وهو مالكٌ للشرط في حقّه، ويستحقّ العامل الثاني ما شُرط له من نصيب العامل الأوّل، ولصاحب النخل ما شرط له، وما بقي للعامل الأوّل.

<<  <  ج: ص:  >  >>