للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كانت تخرج زرعًا يقصد (١) مثله بغير كرابٍ ولا بسقي، فذلك عملٌ يتناوله اسم المزارعة، فهو المستحَقّ بالعقد، وما زاد على ذلك لا يُعلم استحقاقه، فإن كانت الأرض لا تنبت بغير كرابٍ ولا سقيٍ، أو تنبت شيئًا قليلًا لا يقصده الناس، فذلك ليس بعملٍ للمزارعة، فلا يمكن العامل الاقتصار عليه.

قال: ولو كان شرط في أصل المزارعة الكِراب لزمه في الوجهين؛ لأنّه شرط عقدًا بصفةٍ، فلزمه الوفاء [بها]، وإن كان إطلاق العقد لا يوجبها، وهذا كمن باع عبدًا خبازًا، فوجده المشتري لا يحسن الخَبْز -كان له الخيار، وإن كان إطلاق العقد لم يثبت له الخيار.

وكذلك قال أصحابنا -فيمن أَسْلَم في طعامٍ وشرط تسليمه ببغداد: كان على المُسلَم إليه أن يدفعه في أي أطراف المصر شاء، ولو شرط أن يُسلّمه في منزل ربّ السَّلم، لزمه ذلك وإن لم يقتضه الإطلاق.

قال: ولو شرط في عقد المزارعة أن يكربها أو يُثَنِّيَهَا (٢)، فالمزارعة فاسدةٌ، وقد تكلّم أصحابنا في هذه المسألة فقالوا: إن كان الثُّنيان يُنتفع به في السنة [الثانية]، فقد شرط منفعةً تبقى لربّ الأرض بعد المزارعة، فلا يجوز، كما لو شرط أن يهب له شيئًا، وعلى هذا: لو شرط أن يُسرقِنَها (٣)، وقد أشار محمدٌ إلى هذه العلّة.


(١) في ب (بعمل).
(٢) (الثني: الأمر يعاد مرتين). مختار الصحاح (ثني)، وقال المرغيناني في الهداية (٣/ ٢٤٣):
(المراد بالتثنية أن يردها مكروبةً، وقيل: أن يكربها مرتين).
(٣) (يُسَرْقِنها: أي يجعل السرقين عليها، وهو الزبل، وهو معرّبٌ، ويقال له: السرجين). مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لشيخي زاده (٣/ ٥٤١)

<<  <  ج: ص:  >  >>