للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خاصّةً دون صاحبه.

وروى ابن سَمَاعة وبِشر عن أبي يوسف: أنهما إذا شرطا الدِّياس والرِّفاع (١) والحصاد من الوسط، فهو جائزٌ، ولو شرطا ذلك على الدخيل كان جائزًا أيضًا، بمنزلة رجلٍ أخذ مالًا مضاربةً، فشَرط النفقة على المال، وكذلك النفقة على الدخيل، وإن شرط على الدخيل حملان الطعام إلى موضعٍ قد سمّاه، أو إلى منزل ربّ الأرض، فإنّ هذا يفسد الإجارة.

أمّا وجه رواية الأصول: فلأنّ عقد المزارعة يقع على عملهما، ومتى تناهى الزرع فلم يبق هناك عملٌ يقع به النماء، وإذا تمّ العقد صار الزرع مشتركًا بينهما، والعمل فيه عليهما، وإذا شرط على أحدهما فقد شرط عليه ما لا يقتضيه العقد، (فيفسد ذلك العقد) (٢)، وإنّما جُعل العمل على ثلاثة أقسام؛ لأنّ ما قبل بلوغ الزرع هو عمل المزارعة، فيختصّ به المزارع، والحصاد والدّياس عملٌ في مالٍ مشترك ليس له تعلّقٌ بالمزارعة، فيكون على قدر المِلْكَيْن، وما بعد القسمة ملك كلّ واحدٍ منهما قد تميّز عن ملك الآخر، فنفقته عليه.

لأبي يوسف -وهو اختيار شيوخنا بخراسان نصير: بن يحيى، ومحمد بن سلمة- أنّ التعارف في المزارعة قد حصل على أنّ الحصاد والدِّياس والتذرية على العامل، واستحسنوا في جوازه لعمل الناس، كما استحسنوا في الاستصناع (٣)


(١) "ورَفْعُ الزرع: أن يُحْمَل بعد الحَصَاد إلى البيدر، يقال: هذه أيام رفاع بالفتح والكسر". كما في مختار الصحاح، (رفع).
(٢) في ب (فيفسده) فقط.
(٣) في ب (الاستبضاع)، وليس بمنسجمٍ مع العبارة.
والاستصناع لغة: طلب صنع الشيء. وفي الاصطلاح: هو العقد على مبيع موصوف في الذمّة، اشترط فيه العمل. إلّا أن الفقهاء اختلفوا في تكييفه الفقهي: فقال بعضهم: هو مواعدة وليس ببيع،=

<<  <  ج: ص:  >  >>