للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[والنوع] الثالث: الصلح على الإنكار (١)، يجوز عندنا، وقال ابن أبي ليلى والشافعي: لا يجوز (٢).

وقد دلَّ على جوازه ما قدّمنا من الظواهر.

ولا يقال: إن قوله : "إلا صلحًا أحَلَّ حرامًا" يتناول الصلح على الإنكار؛ لأن مال المدَّعى عليه حرام على المدَّعِي مع إنكاره؛ وذلك لأن هذا القول لو تناول ما كان حرامًا قبل الصلح وحَلّ بالصلح لوجب أن لا يَصِحَّ الصلح مع الإقرار إذا وقع على غير جنس الحق؛ لأن ذلك كان حرامًا على المدعي، فلم يبق إلا أن يحمل على ما يتأوله أصحابنا، وهو أن قوله : "إلا صُلحًا أحَلَّ حرامًا" هو الصلح على الخمر.

وقوله : "أو حَرَّمَ حَلالًا" هو الصلح على عبد أن لا يبيعه ولا يستخدمه، فيُحَرِّمُ الصلحُ الاستخدام الذي [أحَلّه العقد] (٣)؛ ولأن عقد الصلح إذا جاز مع إقرار المدّعى عليه، جاز مع إنكاره.

أصله: إذا صالَحَه المتبرع وهو مُقِرٌّ، والخصم مُنْكِرٌ.

قال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه: وأجود ما يكون الصلح على الإنكار، و [معنى] ذلك: أن الصلح مع الإقرار بالبيع أشبه، وأحكامه أحكام البيع، وانفراد


(١) صورة الإنكار: هو من ادُّعِي عليه بعين أو دين، فأنكر، وهو يجهل ما ادعى به عليه، ثم صالح عنه بمال حال أو مؤجل.
"قال أبو حنيفة: إذا ادعى رجل في دار في يدي رجل دعوى، فأنكر الذي هي في يديه، وقال: هي داري، ثمّ صالحه بعد الإنكار على دراهم مسمّاة، فهو جائز … ". الأصل ١٠/ ٥٨٤.
(٢) انظر: منهاج الطالبين ص ٢٦٠.
(٣) في أ (ملكه بالعقد) والمثبت من ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>