فأما ما يصح دخول الكفالة بالنفس فيه: قال أبو الحسن: الكفالة بالنفس جائزة في كل ما يلزم المكفول بنفسه الحضور فيه للخصومة [مع] مَنْ يدعي قِبَله حقًّا، وسواء كان الحق المدعى مالًا، أو حقًّا في مال أو غير ذلك من سائر الحقوق والمطالبات.
وقال في موضع آخر: إذا ادعى رجل على رجل حقًّا في قذف، فأنكر وسأل الطالب القاضي أن يأخذ له كفيلًا بنفسه، وقال: بَيِّنَتِي حاضرة، فإنه لا ينبغي للقاضي أن يأخذ له كفيلًا بنفسه، ولكن يقول له: ألزمه ما بينك وبين قيامي، فإن أحضر شهوده قبل أن يقوم [القاضي] وإلا خلى سبيله.
فإن أقام شاهدين [غير عدول]، أو شاهدا عدلًا يعرفه القاضي، فإن القاضي يحبسه حتى يسأل عن الشهود، أو يأتي بشاهد آخر، ولا يكفله.
وإن ادعى قصاصًا في نفس أو دونها، فكذلك أيضًا لا يأخذ منه كفيلًا بنفسه.
قال: ويجوز أن يأخذ الحاكم كفيلًا بالنفس في التعزير، أما ما ابتدأ به أبو الحسن في حد الكفالة [فيقتضي] جواز الكفالة بالنفس في الخصومة في الحد أو القصاص، وفي كُلِّ حق، وما بني به يعارض ذلك الحد، وأما الحد فيقتضي أن لا تجوز الكفالة.
وقد كان أبو الحسن يقول: إن الكفالة بالنفس في الحد والقصاص جائزة في قولهم إذا بذلها المطلوب.
وأما ما قال أبو حنيفة: لا يطلبها القاضي منه. وقالا: يؤخذ منه كفيل بالنفس في جميع ذلك.