له وطن بالمدينة، بطل ذلك الوطن الأصلي؛ بدلالة أنه دخلها عام الفتح، فلم يتم صلاته، وقال:"أتموا يا أهل مكة، فإنا قوم سفر"(١)، دل على أنها خرجت عن كونها وطنًا؛ ولأنهما متساويان، والثاني طارئ على الأول، فأسقط حكمه.
وهذا إذا نقل حكمه في أهله عن الأول، فأما إذا استحدث وطنًا وأهلًا في بلد آخر، وأهله في البلد الأول باقٍ لم ينقله، فكل واحد منهما له وطن أهلي.
ولا يبطل الوطن الأهلي بالسفر؛ لأن الحاج قد يخرج مسافرًا، فلا يبطل وطنه، وقد سافر ﵊، فلم يبطل وطنه بالمدينة بالسفر، ولا يبطل بحدوث وطن الإقامة؛ لأنه أضعف منه، فلا يبطل الأقوى بالأضعف.
وأما وطن الإقامة، الذي سمّاه أبو الحسن: وطن سفر، فيبطله الوطن الأهلي؛ لأن المسافر يتجدد له أوطان، يسقط كلها بعوده إلى وطنه وبلده؛ لأن الوطن الأهلي آكد وأقوى، والشيئان المختلفان إذا اجتمعا، تعلق الحكم بالأقوى منهما، وسقط الأضعف، ويبطل وطن مثله؛ لأنه ساواه في القوة، وطرأ عليه، فصار بمنزلة الوطن الأهلي طرأ عليه مثله، ويبطل بإنشاء سفر ثلاثة أيام؛ لأن هذا الوطن صار وطنًا له بنيته، وفعل السفر ينافي نية الإقامة، فبطل الوطن بوجود ما ينافيه، فلا يبطل وطن السكنى؛ لأنه أضعف منه، فلا يؤثر الضعيف في القوي، كما لا يبطل وطن للأهل بوطن السفر.
وأما وطن السكنى، فيبطله مثله، كما تبطل الأوطان بحدوث مثلها، ويبطله الأهلي ووطن السفر؛ لأنه إذا أبطله ما هو مثله، فلأن يبطله ما هو أقوى، أولى منه.
والدليل على ضعف هذا الوطن: أن وجوب الصوم وإتمام الصلاة، لا