للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما ما لا يسقط حق المالك من العين، فهو على ضروب: فكل موضع اتصلت العين بزيادة لا يمكن تسليم العين إلا بها فهو رجوع، فهذا كالسَّوِيْق إذا لَتَّه؛ لأن السمن زيادة من مال الموصي لم يدخلها في الوصية، ولا يمكن تسليم الزيت دون السويق، فقد تعذر تسليم العين الموصى بها بفعل الموصي، فبطلت الوصية.

فعلى هذا: إذا بنى في الدار؛ لأن البناء وقع بحق، وكانت العين على ملك الموصي، فلا يجوز أن يكلف نقضه، ولا يمكن تسليم العين الموصى بها دون البناء، والبناء لم يستحق بالوصية، فبطلت الوصية.

وأما إذا أوصى بقطن ثم حشا به، أو ببطانة [ثم بطن بها قَبَاء (١)، أو بظهارة ثم ظهر بها ثوبًا] (٢)؛ فلأن العين اتصلت [بما لم] (٣) يتعلق الوصية بها غير مستحق؛ لأن الموصي تصرف في مِلْكِهِ، فتعذر التسليم، فمنع [من] الرجوع.

وكل تصرف أوجب زوال مِلْكِ الموصي فهو رجوع، كمن أوصى بعين ثم باعها ثم اشتراها؛ لأن البيع أوجب زوال الملك، ويستحيل أن تبقى الوصية في حكم ملك العين، فلم يبق إلا أن يكون أبطلها ببيعه (٤)، فلا يعود إلى الوصية مستقبلة.

وأما إذا أوصى بشاة ثم ذبحها بطلت الوصية؛ لأنه تصرف في نفس العين الموصى بها، فيستدل به على الرجوع، ألا ترى أن الملك في الوصية يقع بالموت، والشاة المذبوحة لا تبقى في العادة، فدل الذبح على أنه رجوع؛ ولأنها


(١) "والقَبَاءُ: ثوبٌ يُلبَس فوق الثياب أو القميص، ويُتَمَنْطَق عليه". المعجم الوجيز (القباء).
(٢) في أ (ثم ظهر بها، أو بظهارة ثم بطن بها) والمثبت من ل.
(٣) في أ (ثم لم) والمثبت من ل.
(٤) في ل (إلا أن يبطل بيعه).

<<  <  ج: ص:  >  >>