للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن الموت ينافي الإملاك، فلا بد من زوال ملك الميت، ولا يجوز أن يملك الموصى له؛ لأن ملكه موقوف على قبوله، ولا يجوز أن يملك الورثة؛ لأن حق الموصى له متعلق به، وتعلق الحق بالمال يمنع من تملكه بالإرث كالدين، فلم يبق إلا أن يكون الشيء قد خرج من ملك الميت، ولم يملكه أحد، ويصير كالمبيع المشروط فيه الخيار للمشتري على قول أبي حنيفة.

فإن مات الموصى له ولم يَقْبَلْ، فالقياس أن تبطل الوصية؛ [وذلك لأن تمامها موقوف على القبول، وإنما استحسنوا فقالوا: يملكها ورثة الموصى له] وذلك لأن الوصية تمت من جهة الموصي بما لا يلحقه الفسخ من جهته، وإنما وقفت على [إجازة] (١) الموصى له، فإذا مات [دخلت] (٢) في ملكه كالبيع المشروط فيه الخيار للمشتري إذا مات قبل الإجازة، دخل في ملكه.

وأما الوصية بما زاد على الثلث فقد بَيَّنَّا أنها موقوفة على الإجازة، فإذا مات الموصي دخل ما زاد على الثلث في ملك الورثة دخولًا مراعًى، فإن أجازوا خرج من ملكهم وعاد إلى حكم ملك الميت، فاستحقه الموصى له من ملكه، وإن ردّوا استقر ملكهم فيه؛ وذلك لأن الموت يوجب زوال ملك الميت وانتقال التركة إلى الوارث، إلا أن يكون هناك حق متعلق بها (٣).


(١) في أ (حق) والمثبت من ل.
(٢) في أ (جعلت) والمثبت من ل.
(٣) انظر: الأصل ٥/ ٥١٦ وما بعدها.
وأكّد ابن عطية في تفسيره بقوله: "والدَّين مقدم على الوصية بإجماع"، ثم قال: "إنه قدم الوصية إذ هي أقل لزومًا من الدين؛ اهتمامًا بها، وندبًا إليها، وأيضًا قدّمها من جهة أنها مضمنها الوصية التي هي كاللازم يكون لكل ميت؛ إذ قد حض الشرع عليها، وأخّر الدين لشذوذه، وأنه قد يكون وقد لا يكون، فبدأ بذكر الذي لا بدّ منه … ". تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز) ص ٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>