للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والكلام في هذا الموضع يقدم عليه: أن [المِلْكَ في] الوصية يقف على قبول الموصى له عندنا، وقال زفر: لا تفتقر إلى القبول.

لنا: أنه تمليك بعقد [موقوف] (١) على القبول، كالتمليك بالهبة والبيع؛ ولأنّ الوصية لو دخلت في ملك الموصى له بغير قبوله، كان الموصي قد ألزمه الملك بغير اختياره، والإنسان لا يملك نقل شيء إلى ملك غيره بغير اختياره، إلا أن يكون له عليه ولاية، ولا ولاية للموصي على الموصى له؛ ولأن ذلك لو جاز لأوصى له بما يستضر به من ملكه، وهذا لا يصح.

وجه قول زفر: أنه مِلْكٌ ينتقل بالموت، فلا يفتقر إلى القبول كالميراث، وإذا ثبت أن القبول معتبر، فإن وجد بعد الموت ثبتت (٢) به الوصية، وإن وجد قبل الموت لم يتعلق به حكم؛ وذلك لأن الوصية تمليك متعلق بالموت، وكان إيجابها بعد الموت، فلا يصح القبول قبل الإيجاب.

والذي يدل على ذلك: أنه لو أوصى بثلث ماله أو بثلث غنمه، استحق الموصى له ما يوجد في ملك (٣) الموصي عند الموت، ولا معتبر لما كان عند الوصية، فدل على أن العقد منعقد عند الموت، فالقبول قبل الانعقاد لا يتعلق به حكم.

وإذا ثبت أن الوصية لا تملك إلا بالقبول؛ قلنا: إذا مات الموصي زال ملكه عن الثلث الموصى به، ولم يدخل في ملك الموصى له، ولا ملك الورثة؛ وذلك


(١) في أ (فوقف) والمثبت من ل.
(٢) في ل (تمت الوصية به).
(٣) في ل (مال).

<<  <  ج: ص:  >  >>