قال: ولو كانت بينة الغلام نصارى، أخذت [بِبَيِّنَة] المسلمين، وقضيت به للمسلمين، وأجبرته على الإسلام، وأبطلت بيّنة النصارى؛ لأن شهود الغلام لا يقبل قولهم على المسلمين، فسقطت بينته، فكأنّه ادعى وقابلت دعواه البينة، فالبينة أولى.
قال: ولو أن غلامًا قد احتلم أقام البينة أنه ابن فلان ولد على فراشه من أمته فلانة، والرجل حيّ ينكر ذلك، ويقول: عبدي، وُلد من أمتي هذه، زوجتها عبدي فلانًا، فولدت هذا الغلام منه، وأقام على ذلك بينة، والعبد حيّ يدّعي ذلك، ويقول: ابني من امرأتي، فإنه ابن العبد؛ وذلك لأن الغلام يدعي النسب بفراش الملك، والعبد يدعي النسب بفراش الزوجية، وفراش الزوجية أقوى، ألا ترى أن المولى إذا زوّج أمته فجاءت بولد فادّعياه، كان دعوى الزوج أولى؛ ولأن فراش الزوجية لا يُنفى النسب فيه بقوله، وفراش الملك ينتفى بقوله فيه النسب، فكان فراش الزوجية أقوى، فهو أولى.
ولو ادعى الولد أنه ابن العبد من هذه الأمة، وأقام بينة على ما ذكرنا، فأقر العبد بذلك، وادّعى المولى أنه ابنه، جعلته ابن العبد وأعتقته؛ لأن فراش النكاح أقوى على ما ذكرنا، ويعتق بدعوى المولى النسب؛ لأن دعواه تضمن النسب والحرية، وأحدهما ينفرد عن الآخر، فإذا بطل النسب ثبتت الحرية.
قال: ولو كان العبد ميتًا - والمسألة على حالها - فأقام الغلام بيّنة على ذلك، وأقام ورثة المولى بينة على ما ذكرنا في أول الكتاب، وأمُّ الغلام ميتة، فإني أثبت نسبه من المولى، وأجعله ابنه، وأورثه منه، ولا أجعله ابن العبد.
وإنما عني بهذا: أن الغلام أقام البينة أنه ابن المولى، وأقام ورثة المولى