للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما ثبوت النسب من رَجلين فهو قول أصحابنا جميعًا، وقال الشافعي: لا يثبت النسبُ من اثنين، ويرجع فيه إلى قول القافة (١).

والأصل في ذلك: ما روي أن عمر بن الخطاب كتب إليه في جارية بين رجلين جاءت بولد، فادّعياه، فقال إنهما لَبَّسا فلبّس عليهما، ولو بَيَّنَّا لبيّن لهما، وهو ابنهما، يرثهما ويرثانه، وهو للباقي منهما، و [روي] عن عليّ رضوان الله عليه مثل ذلك.

ولأن البُنُوَّة معنى يتعلق بالإرث لا يلحقه الفسخ، فجاز أن يثبت للواحد على اثنين كالأبوة والولاء.

والدليل على أنه لا يرجع فيه إلى قول القافة: أن ذلك من أحكام الجاهلية، وقد ذمّ الله تعالى أحكامهم بقوله: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ [المائدة: ٥٠]، ولأن القائف لا يقبل قوله في إثبات النسب مع قيام الفراش، فلا يقبل مع عدم الفراش كالكافر والفاسق.

ولأن القائف يرجع إلى الشَّبَه والظاهر، وهذا المعنى يشترك فيه جميع الناس، وقول غير القائف لا يقبل فيه، كذا قول القائف (٢)، وإذا ثبت بطلان القول بالقافة، ثبت ما ذكرنا.

وقد قال أبو حنيفة على هذا الأصل: أن النسب يثبت من ثلاثة وما زادوا وإن كثروا؛ لأنهم تساووا في سبب الاستحقاق، والشيء عنده مما يصح فيه الاشتراك، فهو كالأموال.


(١) انظر: مختصر المزني ص ٣١٧؛ المهذب ٤/ ٤٤٦.
(٢) في ل (فإذا لم يقبل قول غير القائف فيه، فقول القائف مثله).

<<  <  ج: ص:  >  >>