للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وإن منحه جديًا، أو عَنَاقًا، فهو عاريةٌ؛ لأن هذا قد يبلغ أن ينتفع به، فيكون فحلًا، وتكون هذه حلوبًا، وهذا صحيحٌ؛ لأن العارية قد تتناول العين لمنفعةٍ مترقبةٍ (١) وإن لم يكن في الحال.

وكذلك الشُّقَّة الهروية (٢) عاريةٌ؛ لأن الانتفاع بها يمكن مع بقاء عينها.

وقال أبو حنيفة: إذا قال: هذه الدار منحةٌ، ودفعها إليه، فهي عارية؛ لأنَّه بيّن التمليك وخصّه بالمنفعة، فوجب أن يحمل على التفسير.

وكذلك إن قال: هذه الأرض لك منحة، فإنما منحه زراعتها، وكذلك كلّ شيء يحتاج فيه إلى منفعة، مثل السكنى والزراعة والخدمة وأشباه ذلك، فهذه عاريةٌ؛ لأن هذه الأعيان ينتفع بها مع بقاء أعيانها، فاختصت المنحة بمنافعها.

قال: ولو قال لأرض بيضاء: هذه الأرض [لك] طعمة، فهذا على الزراعة، وهي في يده عاريةٌ، يأخذها صاحبها منه إذا شاء ما لم يزرعها، فإذا زرعها، فإن أراد صاحبها أن يأخذها منه، فإن في هذا ضررًا عليه، فيخير الزارع: فإن شاء دفعها إلى صاحبها وأخذ زرعه، وإن شاء كانت في يده بأجر مثلها إلى أن يستحصد زرعه، وهذا قول أبي يوسف ومحمد؛ وذلك لأن الطعمة إذا أضيفت إلى ما يمكن أكله، كانت تمليكًا، مثل أن يقول: أطعمتك هذا الطعام، وإذا أضيفت إلى الأرض كانت عاريةً؛ لأن الأرض لا تطعم، فمعناه أطعمتك ما يكون منها، وذلك يكون بالزراعة (٣).


(١) في ب (مؤقتة).
(٢) أي: الثياب الهروية. انظر المغرب (شقق).
(٣) انظر: الأصل ٣/ ٤٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>