للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قولهم؛ وذلك لأن العوض لما استُحِقّ، صار كالهبة بغير عوض، إذا أهلكه لم يضمنها الموهوب له.

قال: وإن استُحِقّت الهبة المعوَّض عنها، رجع الموهوب له في العوض؛ وذلك لأن المعوِّض إنما عوَّض ليسقط حقّ الرجوع، فإذا استُحِقّت الهبة، تبيّنا (١) أن الرجوع لم يكن ثابتًا، فصار كمن صالح عن دينٍ ثم تبيّن أن لا دين عليه.

قال: وكذلك إن استُحِّقّ نصف الهبة، وهي مما لا يقسم، رجع في نصف العوضِ؛ [وذلك] لأن المعوِّض إنما جعله عوضًا عن الرجوع في جميع الهبة، فإذا استُحقّ بعضها وجب أن يرجع فيها بإزائه من العوض حين لم يسلم له العوض.

قال: فإن كان العوض مستهلكًا ضَمِن قابضُ العوض بقدر ما وجب الرجوع للموهوب له فيه من العوض، وإن استحقت الهبة كلها ضمّنه قيمة العوض، وهذه رواية الأصل عن محمد، ورواه عنه في الإملاء من غير خلاف ذكره في الموضعين، وهي إحدى روايتي بشر عن أبي يوسف عن أبي حنيفة.

وروى بشر في إملائه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: أنه لا يضمن العوض إذا استحقت الهبة والعوض مستهلك، وهو قول أبي يوسف رواه عنه ابن سماعه وبشر.

وجه الرواية الأولى: أن المقبوض على وجه العوض إذا استُحِقّ المعوّض، كان مضمونًا كالعوض المشروط؛ ولأنه بدل في مقابلة ما لم يسلم له، فكما يرجع


(١) سقطت هذه الكلمة من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>