للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان أحد العقدين مقتضاه الرجوع، فكذلك الآخر.

واحتج الشافعي بقوله : "لا يحل لواهب أن يرجع في هبته إلا فيما وهب الوالد لولده" (١).

والجواب: أن هذا محمول على الرجوع في الهبة على وجه الابتياع من الموهوب [له]؛ وذلك لأنه يكره للواهب أن يبتاع الهبة من الموهوب له؛ لأنه يستحي منه فيسامحه في ثمنها، فيصير كالراجع في بعضها (٢).

ولهذا روي عن عمر أنه قال: حملت رجلًا على فرس في سبيل الله، فوجدته في السوق [يباع]، فأردت أن ابتاعه، فسألت رسول الله عن ذلك، فقال لي: "لا تعد في صدقتك" (٣)، فدلّ على أنه يكره (٤) له الابتياع، فالرجوع محمولٌ عندنا على هذا الوجه.

وإنما جاز فيما وهبه الأب؛ لأن بينهما مباسطةً تمنع من التوقف عن الاستيفاء، فلم يكره ذلك، ويحتمل أن يكون المراد بالخبر: الرجوع بغير رضا ولا قضاء، وذلك لا يجوز عندنا إلا فيما وهبه الوالد لولده، فإنه يحلّ له أخذه بغير رضًا ولا قضاء إذا احتاج إليه للإنفاق على نفسه.

فإذا ثبت أن عقد الهبة يقتضي الرجوع، قلنا: إذا كانت لذي رحم محرم فلا


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٣٩)؛ والترمذي (١٢٩٩) وقال: حسن صحيح؛ والنسائي (٣٦٩٠)؛ وابن ماجه (٢٣٧٧).
(٢) انظر: الأصل ٣/ ٣٨٨ وما بعدها؛ مختصر القدوري ص ٢٧٩.
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٨٠)، ومسلم (١٦٢٠).
(٤) في ب (لا يكره)، بزيادة (لا)، وزيادتها خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>