قال: وكذلك لو أن رجلًا من المسلمين زنى في دار الشرك بامرأةٍ من المسلمين، أو من أهل الشرك، أو شرب في دار الحرب خمرًا، أو فعل ذلك كله في عسكر أهل البغي، ثم أتى به [إمام] أهل العدل، لم يقم عليه الحدّ في شيء من ذلك، وهذا لما قدمنا.
قال: وكذلك رجل من أهل العدل أغار في عسكر أهل البغي، فسرق، فجاء به أصحاب المسروق منهم إلى إمام أهل العدل، لم يقطعه الإمام؛ وهذا لوجهين: أحدهما: أنه سرق في موضع لا يد للإمام عليه. والثاني: أنه أخذ بشُبهةٍ؛ لأن لأهل العدل أن يأخذوا أموال أهل البغي فيحبسوها حتى يتوبوا، فيصغرهم بذلك، والأخذ إذا قارنته شبهةٌ، سقط القطع فيه.
قال: وكذلك لو أن رجلًا من أهل البغي، أغار في عسكر من أهل العدل ليلًا فسرق، ثم رجع إلى عسكره ثم أخذ بعد ذلك، فأتي به إلى إمام أهل العدل، لم يقطعه؛ وذلك لأن أهل البغي يستحلّون أموالنا، ولهم دارٌ ينفردون بها، وأحكامهم تجري فيها، فلم يطالبوا بأحكامنا، كما لم يطالب الصحابة بعضهم بعضًا [بما كان] في الفتنة من الدماء والأموال.
قال: ولو أن رجلًا في دار أهل العدل سرق مالًا، وهو ممن يشهد على صاحبه بالكفر ويستحل ماله ودمه، فسرق منه مالًا، قطعته؛ وذلك لأن هذا من أهل دارنا، سرق من دارنا، ويد الإمام ثابتةٌ عليه، فلو سقط الحدّ بتأويله، لم يقم حدٌّ في سرقة، ألا ترى أن كل سارق يدعي استحلال مال المسروق منه، فيسقط عن نفسه القطع، وهذا لا يصحّ (١).
(١) انظر: الجامع الصغير (مع شرح الصدر) ص ٣٧٦؛ مختصر الطحاوي ص ٢٨٦.