للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنهم جميعًا، وإن كان [وليه] سواهما، قطعوا إلا المجنون والصبي.

أمَّا الصبي والمجنون، فلا قطع عليهما؛ لقوله : "رفع القلم عن ثلاث" (١)، وذكر [فيه] الصبي والمجنون؛ ولأن القطع عقوبةٌ، فلا يتعلّق بفعل الصبي، كحدّ الزنا.

وأما الباقون، فوجه قول أبي حنيفة وزفر: أنه اشترك في سبب الحد من يجب عليه الحد ومن لا يجب عليه الحد بنفس الفعل، فصار ذلك شبهةً في سقوط ما يسقط بالشبهة، كالعامد والمخطئ إذا اشتركا في القتل؛ ولأن العين معتبرةٌ، كما أن الفعل معتبرٌ، ومعلومٌ أن المشاركة في العين يجوز أن تمنع من القطع، فكذلك المشاركة في الفعل؛ ولأنا قد بيّنّا: أن حمل الواحد منهم كحمل جماعتهم، فصار حمل غير المجنون كحمله.

لأبي يوسف: أن الصبي والمجنون إذا وليا الحمل، ففعلهما هو المقصود، وفعل غيرهما تبعٌ، فإذا لم يجب الحدّ بمتبوع الفعل، (لم يجب في تبعه.

وإذا كان الحامل) (٢) عاقلًا بالغًا، ففعله مما يتعلق به القطع (٣)، وهو المتبوع، فسقوط الحدّ عن التبع لا يوجب سقوطه عن المتبوع.

وقال ابن سماعة في نوادره: قال أبو حنيفة: في رجلين يقرّان بسرقة ثوب يساوي مائة درهمٍ من فلان، فلما أمر بقطعهما، قال أحدهما: الثوب ثوبنا لم نسرقه، فإني أدرأ القطع عنهما جميعًا؛ لأنه شيءٌ واحدٌ، فإذا درأت بعضه،


(١) أخرجه أبو داود (٤٣٩٨)؛ وابن ماجه (٢٠٤١)؛ وصححه ابن حبان (١٤٢).
(٢) ما بين القوسين سقطت من ب.
(٣) في ب (الحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>