للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما إذا علم في حال القضاء (١)، فإنه يحكم به إلا في الحدود، هذا قولهم المشهور.

وروي عن محمد: أنه رجع حين رأى تخليط القضاة، وقال: لا يقضي القاضي بعلمه في حدٍّ ولا غيره.

وجه قولهم المشهور: أن الأمة اقتصرت على قاضٍ واحد في كل مصر، فلو لم يقبل قوله فيما يقر به الخصوم عنده، لوجب أن يولى جماعة ليشهدوا بالحق، وإلا أدّى إلى ذهاب أموال الناس.

ولأن أقوال القاضي مقبولةٌ في تزكية الشهود في مذهبه، وصحّة الحكم تتعلقُ به، وكذلك يقبل قوله في وجوب الحقوق.

وجه قول محمد: أني لو قبلت قول القاضي لقتلت بقوله، والقتل لا يجوز إثباته إلا بقول رسول الله ؛ ولهذا روي أن رجلًا أغلظ على أبي بكر الصديق، فقال أبو برزة (٢): ألا أمرتني يا خليفة رسول الله فضربت عنقه، فقال: أو كنت فاعلًا لو أمرتك؟ فقال: نعم، قال: ما كان ينبغي ذلك لأحدٍ بعد المرسلين (٣).

وأما الحدود فلا يقضي (٤) القاضي فيها بعلمه؛ لما أن روي عمر بن الخطاب قال لعبد الرحمن بن عوف: أرأيت لو رأيت رجلًا قتل أو سَرَق أو زَنَى، فقال: أرى شهادتك شهادة رجلٍ من المسلمين، قال: أصبت (٥).


(١) في ب (وأما ما علمه في حال القضاء).
(٢) في ب (أبو هريرة)، والصواب في الرواية (أبو برزة).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (٦١)؛ وأبو يعلى في المسند (٨٢).
(٤) في ب (يحكم).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢٨٨٧٧)؛ ورواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم عقب حديث (٦٧٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>