للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يضرب لهما جميعًا حدًّا واحدًا؛ وذلك لأن الإنسان لا يُنسب إلى غير أبيه في حال الغضب إلا ويراد به السّبُّ، والسبُّ بالنسب إنما يكون بزنا الأم بفلان، وذلك قذفٌ لهما.

وقال هشام عن محمد: في رجلٍ قال لرجلٍ: يا ابن فلان، نسبه إلى غير أبيه، فأخبرني أن أبا حنيفة كان يقول: إن كان في غضبٍ، فعليه الحدّ، وإن كان في غير غضبٍ، فلا حدّ عليه، إنما هذا غلطٌ؛ وذلك لأن العادة أن الإنسان يقول: أنت ابن فلانٍ على طريق المدح، يعني: تشابه أخلاقهما، وقد جرت العادة (١) بذلك على ما قدمنا، وقد يذكر على طريق السبِّ، فوقف على دليل الحال.

وقال ابن سماعة: قال أبو يوسف: إذا قال رجلٌ لرجلٍ: لستَ لأبيك، ولستَ لأمك، فليس عليه حدٌّ؛ لأن هذا كلامٌ موصولٌ، وهذا على ما قدمنا: أنه نفى ولادة أمه له، وهذا يمنع من قذفها بالزنا.

وقال أبو حنيفة: إذا قال الرجل لرجلٍ: أنت ابن فلانٍ، لعمِّه أو لخاله، أو لزوج أمه، قال: لا حدّ عليه؛ وذلك لأن العمّ يسمى أبًا، قال الله تعالى: ﴿إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ [البقرة: ١٣٣]، فسمى العمّ باسم الأب.

وكذلك الخال؛ لأن النبي قال: "الخالة والدة" (٢)، وهذا يقتضي كون الخال والدًا (٣).

وكذلك زوج الأم يسمى أبًا، قيل في التفسير في قوله تعالى: ﴿رَبِّ إِنَّ ابْنِي


(١) في ب (عادة العرب).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٥٢)
(٣) في ب (واحدًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>