وكان أبو بكر الرازي يقول: معنى قول أبي حنيفة: أن الكفالة في الحد والقصاص لا تجوز، أن القاضي لا يبتدئ بالمطالبة بذلك، فإن بذلها قبلها الحاكم؛ لأن الحضور واجبٌ، فيجوز أن يضمنه الكفيل، إلا أن القاضي لا يبتدئ بطلب ذلك حتى لا يتوصل إلى التوثق [بالكفالة] في الحدّ.
وأما على أصلهما: فالتوثق بالحبس أكثر من التوثق بالكفالة، [فإن جاز أن يحبس]؛ فلأن يؤخذ منه كفيل أولى، وقدّر ذلك محمد بثلاثة أيام؛ لأن حد القذف المطالبة فيه حق لآدميّ كالديون.
وقال محمد في رجلٍ ادعى قذفًا، وأقام رجلًا عدلًا يشهد، فإن أبا حنيفة قال: أحبسه إذا ادعى بيّنة حاضرةً في المصر، فإن أقام شاهدًا غير عدل قال: أؤجله مقدار قيام القاضي.
قال محمد: إذا ادعى بيّنةً حاضرةً، كفلناه ثلاثة أيام، فقدَّر ذلك أبو حنيفة بالمجلس؛ لأن الكفالة عنده لا تؤخذ، وفي حبسه ضررٌ من غير حقٍّ عليه، فلم يتقدّر ذلك بأكثر من المجلس.
وعلى قول محمد: أن القذف لما كانت المطالبة فيه حقًّا لآدمي، يجري [فيه] مجرى الديون.
وقال في الأصل: إذا أحضر شاهدًا عدلًا، وادعى أن له آخر في المصر، فإني أحبس يومين أو ثلاثةً استحسانًا؛ وذلك لأن أحد سببي الحقّ قد حصل، فأوجب ذلك تهمةً فى حاله، والحبس للتهمة.
قال: فإن ادّعى ذلك خارج المصر، (لم أحبسه؛ وذلك لأن البينة إذا كانت