للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوجَب بثبوته حدّ الزنا فليس بزنا، فالرمي لا يُوجبُ الحدّ.

قال: ووجهٌ آخر يجب أيضًا حدّ القذف به: وهو أن ينفي نسب إنسانٍ من أبيه، فهو قاذفٌ لأمه، فإن كانت الأم مُحصنةً، وجب على القاذف إذا طالبه به؛ وذلك لأن النسب إنما ينتفي عن أبيه إذا كانت أمه زانيةً، فصار قوله: ليس هو بيه، كقوله: زنت أمه.

وقد [كان] يجوز أن يقال: إن هذا قذف مشتبهٌ؛ لأنه يحتمل أن ينفى النسب عن الأب إذا وطئها واطئٌ بشبهةٍ أو بنكاحٍ فاسدٍ، إلا أن الأمَّة أجمعت على صحة القذف، ووجوب الحدّ به؛ ولأن النسب لا يراد به هاهنا إلا نفي النسب بالزنا دون الشبهة.

قال: وإذا كان المقذوف بالزنا حيًا فلا خصومة لأحدٍ في الحدّ غيرُه، حاضرًا كان أو غائبًا؛ وذلك لأن الحدّ يجب بالشَّين الذي لحقه [به]، فالمطالبةُ به من حقوقهِ، فلا يقوم غيره فيه مقامه إلا برضاه.

قال: وإن مات قبل أن يطالب أو بعد ما طالب، وقد ضُرب القاذف بعض الحدّ، بطل الحدّ، وبطل ما بقي، وبطل ما بقي منه، وإن كان الباقي سوطًا واحدًا.

قال: وهذا مبنيٌّ على أصلنا: أن حدّ القذفِ لا يُورث، وقال الشافعي: يُورث (١).

لنا (٢): أنه حدٌّ فلا يُورث كحدّ الزنا؛ ولأن من أصلنا أنَّهُ حقٌّ لله تعالى على


(١) انظر: المهذب ٥/ ٤١٠؛ رحمة الأمة ص ٢٣٤.
(٢) في ب (والدليل على ما قلناه).

<<  <  ج: ص:  >  >>