للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حضر منهم قاذفًا، فلم تقبل شهادتهم.

قال: وإذا شهد الشهود على رجلٍ (بالزنا بعد تقادم العهد) (١)، لم تجز شهادتهم عند أصحابنا جميعًا، وقال الشافعي: تقبل شهادتهم.

لنا: ما وري عن عمر بن الخطاب أنه قال: أيما شهودٌ شهدوا بحدٍّ، لم يشهدوا عند حضرته، فإنما هم شهود ضغنٍ لا تقبل شهادتهم (٢)؛ ولأن الشاهد مخيَّر بين إقامة الشهادة وبين اختيار الستر، وهو مندوبٌ إلى الستر، فإذا أخّر الشهادة من غير عذر، فالظاهر أنه اختار الستر، فلما عاد فشهد، اتُّهم في شهادته؛ لأنه لم يترك ما اختاره من الندب إلا لأمرٍ هيّجه على ذلك، والشهادة تسقط بالتهمة (٣).

وليس كذلك المقرّ بالحدّ بعد حين؛ لأن المقرّ لا يلحقه تهمةٌ فيما يقرّ به على نفسه، فلذلك قُبل إقراره.

ولهذا قال أصحابنا: إن المشهود عليه إذا كان في موضع ليس فيه حاكم، فحمل إلى بلد الإمام، جازت الشهادة وإن تأخرت؛ لأن هذا عذر في التأخير، فالظاهر أنهم تركوا الشهادة للعذر.

ولهذا سمع عمر الشهادة على المغيرة مع تأخرها؛ لأنه كان أمير البصرة، فلم يكن هناك من يشْهَدُ عنده، فكتب عمر إليه: سلم ما قبلك إلى أبي موسى والْحَقْ بى، فلذلك قُبلتِ الشهادة مع التأخر.


(١) في ب (بزنا قديم).
(٢) عبد الرزاق (١٣٧٦٠)، والبيهقي في الكبرى (٢٠٣٨٤).
(٣) في ب (للشبهة).

<<  <  ج: ص:  >  >>